عُلا مرشود.. السجن هو القهر

على أعتاب التخرج كانت تقف علا مرشود، تستشرف مستقبلها بعد إنهائها لتخصص الصحافة والإعلام من جامعة النجاح الوطنية، حين جاءها طلب استدعاء من قبل الاحتلال، لاستجوابها في معسكر حوارة الاعتقالي القريب من مدينة نابلس، كان ذلك في مطلع نيسان، 2018.

الاستدعاء لم يكن إلا مقدمة لاعتقال مفاجئ، لم تستعد له علا أو تتخيله، طلبت من عمها الذي رافقها للاستدعاء الرحيل وحيداً، فيما اقتادتها المجندة معصوبة العينين لنقلها نحو معسكرٍ اعتقاليٍ آخر، لتبدأ مرحلةُ أخرى لأكثر من 3 أشهر من التحقيق في معسكر بتاح تكفا.

ممنوعة من التواصل مع أي أحد، من الزيارة، من رؤية المحامي، من الكانتين، من معرفة أخبار الدنيا، من النوم، من الكرامة، ومختنقةً بين استجواب المحققين، وجولات البوسطة والتنقلات المزعجة، أمضت علا أيامها، لا تفرق بين الساعة والساعة، بين اليوم والليل، وبين الأمس والغد.

بعد انتهاء مرحلة التحقيق تم نقل علا لسجن "هشارون" الخاص بالنساء، ويُحتم على علا التنقل مراراً وتكراراً بالبوسطة إلى مركز توقيف الجلمة القريب من مدينة جنين، وكثيراً ما أمضت الأيام والليالي في مراكز التوقيف، تنام بحجابها، متكومةً على نفسها، وفاقدة للأمان، فيما يحيطها الحنين لصوت عائلتها ووالدتها خاصةً.

بالنسبة لعلا الفتاة التي أمضت أغلب فترات حياتها خارج فلسطين، فإن تجربة الاعتقال بمجملها تبدو شديدة القسوة، فهي لم تألف همجية الاحتلال، ولم تعتد على الاحتكاك الإجباري الذي اعتاده الفلسطينيون على الحواجز وأثناء الاجتياحات في انتفاضة الأقصى، لذا مثل مجيء رمضان أثناء وقوعها بالأسر ألماً مضاعفاً، واحتجازها في مراكز التوقيف وإجبارها على خلع الحجاب وحنينها لوالدتها عبئاً جديداً على نفسيتها، أدت لمغالبة دمعها لها حين رأت والدتها أثناء محاكمتها بعد خمسة أيامٍ من رمضان.

لاحقاً حكم الاحتلال على علا بالسجن لمدة 7 أشهر،  وبغرامة مالية باهظة، إضافةً لخمس سنوات وقف تنفيذ، بتهمة التحريض على الاحتلال على موقع الفيس بوك، سبعة أشهر أمضتها علا في السجن، خرجت بعدها لتصف السجن بكلمةٍ واحدة، إنه "القهر" القهر بحد ذاته.

اليوم تخرجت علا من جامعة النجاح الوطنية، ليس كما تخيلت وتمنت قبل الأسر، لكنه الحلم الذي أرادت له الاكتمال، وسعت للعمل عليه حتى لحظات اعتقالها الأخيرة، وعادت لحقل عزيمتها الصامد، تنقل الخبر وتوثق الصورة، وتحمل رسالة الأسيرات للعالم، تماماً كما وعتها وأدركتها، فالتجربة أقسى وأشد من أن تُنسى.

مشاركة عبر :