لم تكتف الطالبة أحلام بتخصصها في مجال الصحافة والإعلام لنصرة القضية الفلسطينية، بل دفعها شغفها لأكثر من ذلك، لتسطر معاني التضحية والجهاد النسوي في فلسطين، والشجاعة الشابة في وقتٍ كانت الإنتفاضة الثانية تزداد أواراً ولهيباً، ولتشارك وهي لما تتم عامها الثاني والعشرين في عملية استشهادية في القدس، كان لها الأثر الكبير في دعم صمود الشعب الفلسطيني.
ولدت أحلام عام 1980 في مدينة الزرقاء الأردنية، لعائلةٍ تعود أصولها لقرية النبي صالح القريبة من رام الله، وعندما حان الوقت لانتسابها لإحدى الجامعات عادت لبلدتها الأم، والتحقت بجامعة بيرزيت، لدراسة تخصص الإعلام، وبينما كانت تمضي أحلام في طموحها العلمي وتساهم من خلال برنامج تلفزيوني في إحدى المحطات المحلية في تسليط الضوء على انتهاكات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، وجدت أن هذا الدرب لا يكفي وأن بإمكانها تقديم الأفضل بطريقةٍ أخرى.
الأفكار التي طافت في ذهن أحلام وجدت صداها فيمن حولها، فاقترحها المقاوم وائل دغلس لتكون عنواناً لأول امرأة تنتسب لكتائب القسام في الضفة الغربية، حينها لم تكن أحلام تمثل الصورة الفعلية التي قد تثير الشبهات لفتاة تهجس بالمقاومة والجهاد، بل على العكس كان سلوكها يبدو وكأنها تدور في فلك طموحات الشباب ومستقبلها العلمي والعملي فقط،
بعد تجنيدها في كتائب عز الدين القسام، وإعدادها نفسياً لهذا الدور، كانت مهمتها الأولى في شهر تموز عام 2001، وتتمثل في تحديد أهدافٍ مناسبة لعملياتٍ استشهادية مستقبلية، يسعى المهندس عبد الله البرغوثي لتنفيذها لاحقاً.
انخرطت أحلام في أعمال المقاومة بتوكيل من الخلية العسكرية التابعة للكتائب، وساعدها في ذلك عملها الصحفي وتحدثها اللغة الإنجليزية، كما كانت حينها غير محجبة، حيث كان باستطاعتها الدخول إلى أماكن وجود الإسرائيليين في القدس، بحجة إجراء مقابلات صحفية.
تقول أحلام عن تلك المرحلة، إنها اختارت طريق المقاومة لأنه السبيل الوحيد لتحرير الأرض، لكنها لم تكن استشهادية في الخلية العسكرية التابعة لكتائب القسام؛ لأن "للاستشهادي صفات لم تكن موجودة في شخصيتي أنا" كما قالت.
أما مهمتها الأخيرة فقد كانت المساعدة في تنفيذ عملية استشهادية في شهر آب من العام نفسه في القدس المحتلة، حيث تجوّلت أحلام في القدس بسيارتها وحدّدت الطريق التي سيسلكها الاستشهادي عز الدين المصري من رام الله إلى القدس المحتلة، وفي اليوم التالي حملت آلة الجيتارة التي فخّخها عبد الله البرغوثي واصطحبت عز الدين المصري، وطلبت منه وضع الجيتارة على كتفه وحدّدت له الموقع وتركته يذهب في رحلته الأخيرة، بينما هي قفلت عائدة إلى رام الله.
الأثر الكبير الذي أوقعته العملية في نفوس الاحتلال، وسقوط أكثر من 20 قتيلاً دفعها لحملة انتقام وحشية، من ضمنها عمليات اغتيال شديدة نتج عنها استشهاد عدد من قيادات حركة حماس في الضفة الغربية، واعتقال جميع من ساهم وساعد في العملية الأستشهادية.
في 14 أيلول من نفس العام، وبعد تحقيقات استخباراتية لقوات الاحتلال وصلت إلى خيط دلها على أحلام، فاعتقلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحام منزل والدها في قرية النبي صالح برام الله، وكانت تلك فترة عزاء والدتها، التي توفيت في الأول من أيلول 2001.
تعرضت أحلام لتعذيب شديدٍ جداً، وحكمت محكمة عسكرية عليها بالسجن المؤبّد 16 مرة، أي 1584 عاماً، مع توصية بعدم الإفراج عنها في أية عملية تبادل محتملة للأسرى. وواجهت أحلام الحكم بابتسامة وكلمة وجّهتها للقضاة: «أنا لا أعترف بشرعية هذه المحكمة أو بكم، ولا أريد أن أعرّفكم على نفسي باسمي أو عمري أو حلمي، أنا أعرّفكم على نفسي بأفعالي التي تعرفونها جيداً، في هذه المحكمة أراكم غاضبين، وهو نفس الغضب الذي في قلبي وقلوب الشعب الفلسطيني وهو أكبر من غضبكم، وإذا قلتم إنه لا يوجد لديّ قلبٌ أو إحساس، فمن إذاً عنده قلب، أنتم؟ أين كانت قلوبكم عندما قتلتم الأطفال في جنين ورفح ورام الله والحرم الإبراهيمي، أين الإحساس».
أمضت أحلام سنواتٍ صعبة في الأسر، تعرضت خلالها للتنكيل والإيذاء الشديد، لكن إرادة الله شاءت أن يتم الإفراج عنها ضمن صفقة وفاء الأحرار التي ضمت 1047 أسيرا فلسطينيًا مقابل جلعاد شاليط، وذلك يوم الثلاثاء 18 أكتوبر 2011، وتم ابعادها إلى الأردن، ضمن هذه الصفقة، كما شملت الصفقة حينها الإفراج عن خطيبها (زوجها لاحقاً) نزار البرغوثي، الذي كان محكوماً بالسجن المؤبد، والذي اعتقل منذ عام 1993.
حتى بعد الإفراج عن أحلام استمرت مستهدفةً من قوات الاحتلال، بل وامتد الاستهداف للولايات المتحدة، التي قدمت طلباً فيه قدر كبير من الابتزاز لمطالبة الأردن بتسليم مواطنته أحلام للولايات المتحدة بتهمة المساهمة بقتل مواطنين أمريكيين خارج حدود الولايات المتحدة، وحتى الآن يقف الأردن وراء أحلام رافضاً تسليمها للولايات المتحدة التي تتوعدها بالسجن المؤبد مدى الحياة.