منذ البداية عرف عثمان عبد القادر قطناني إلى أين ستأخذه قدماه، كانت الشهادة مسألة وقت لا أكثر، فإما ستاتي إليه أو سيذهب هو لها، لذا عزف عن الزواج، وأدرك العلم وقراءة القرآن ومجالس الدعوة.
ولد الشهيد قطناني في مخيم عسكر بالقرب من مدينة نابلس لأسرة متدينة ترجع أصولها الى يافا التي هجرت منها العائلة في العام 1948، في سنوات طفولته الأولى كان عثمان شبلاً من أشبال المساجد، نهماً للقراءة، مقبلاً على العلم والأدب، وهو ما أهله ليكون صوتاً طلابياً رائداً في مدرسته أبو بكر الصديق، وليحظى بالأفضلية في تسلم الإذاعة المدرسية وقيادة الفعاليات الطلابية، حيث تميز في هذه المرحلة بحبه للخطابة وإلقاء كلمات الصباح وإصدار مجلات الحائط، وشكلت هذه المرحلة بدايات عمله وانخراطه في الحركة الطلابية الإسلامية، كما تميز نشاطه في الإنتفاضة الأولى بكافة فعالياتها حيث كان نشيطاً في السواعد الرامية لحركة حماس.
لازم التفوق عثمان قطناني حتى أهله لدخول جامعة النجاح الوطنية ملتحقاً بكلية المجتمع في الجامعة، تخصص الحاسوب والبرمجيات، ولم يترك الدعوة ولا نشاطاتها أثناء دراسته الجامعية، بل عمل في اللجنة الإعلامية للكتلة الإسلامية، وانتخب مرتين عضواً في المؤتمر العام التابع لمجلس اتحاد الطلبة في الجامعة، ومن يعرف جامعة النجاح جيداً يعلم أنّ كلية المجتمع لم تكن الأغلبية فيها للكتلة الإسلامية طوال السنوات الماضية، لكنّ عثمان الذي آمن بدعوته وأعطاها كل ما يملك لم يستسلم، فبدأ العمل والتحرك مستعيناً بالله متسلحاً بحسن خلقه وطيب معشره، حتّى تمكّن من حسم الكلّية لصالح الكتلة الإسلامية.
خلال سني دراسته عُرف قطناني بفصاحته ورشاقته اللغوية وسرعة بديهته، فتصدر نشاطات الكتلة الإسلامية خطيباً مفوهاً لا يشق له غبار.
وكما عُرف بخطبه العصماء، فقد التزم البلاء الحسن أمام العدو، مرةً حين تم اعتقاله قبل أن يكمل عامه الثاني عشر، بتهمة إلقاء الحجارة على جنود الاحتلال، وبعد أربع سنوات عندما بلغ السادسة عشر من عمره اعتقل للمرة الثانية على أيدي الإحتلال وقضى أربعة أشهر خرج بعدها لمتابعة دراسته الثانوية.
كما كان من أوائل من تعرض للاعتقال على يد أجهزة السلطة، فقد تم أسره في سجن الجنيد عام 1996، قرابة الشهر دون أن تفلح الأجهزة الامنية بانتزاع معلومة منه، ثم اعتقل مرتين لاحقاً لنشاطه الدعوي والإسلامي.
بعد تخرجه من جامعة النجاح الوطنية، كان من الصعب إيجاد عمل في مجال الحاسوب الذي درسه، بينما استطاع بسهولة إثبات نفسه في مجال الإعلام بفضل قلمه ولسانه وفصاحته، فعمل كمصور ومراسل ميداني، وعلى الرغم من الفترة القصيرة التي عمل فيها في هذا المجال إلا أنه كان صحفياً صاحب قضية، وبرز تميّزه في تغطية أحداث انتفاضة الأقصى، واهتمّ بحكايات الشهداء والأسرى على وجه الخصوص.
تميز قطناني بحبه للقرآن الكريم، قراءة واستماعاً، كما عُرف عنه كثرة الصوم وقيام الليل وريادة المساجد، وزهداً في الدنيا وإقبالاً على الآخرة، لذا كانت همته عالية وولاؤه للدعوة منقطع النظير، فلم يُشهد له التغيب عن نشاطٍ من مسيراتٍ ومظاهراتٍ ومهرجاناتٍ ومعارض، بل كان المبادر المبكر دائماً، حتى أصبح من المشرفين الأساسيين على عمل حركة حماس في مخيم عسكر والمنطقة المجاورة، وكان من أواخر أعماله معرض (فلسطين في الذاكرة)، الذي يحكي قصة شعب فلسطين، من المجازر والأسر وحتى نماذج البطولة والفداء، وكان المعرض ضخماً ومتنوعاً لم تشهد المنطقة له مثيلاً من قبل.
لم يكن عثمان ناشطاً في مجال الدعوة فقط، بل سعى للشهادة واقتحم العمل العسكري، حيث انضم لإحدى المجموعات العسكرية قبيل الانتفاضة، ثم قدم الدعم اللوجستي والميداني لمطاردي كتائب الشهيد عز الدين القسام إبان انطلاق شرارة انتفاضة الأقصى، ولم يكتفِ بذلك بل بقي يلحّ على إخوانه حتى تم الإتفاق على أن يقوم عثمان ببذل روحه والقيام بعملية إستشهادية، لكن الشهادة كانت أقل صبراً على عثمان من صبره هو، فأتته عجلى يوم 31/7/2001 أثناء قيامه بعمله الصحافي حيث كان يجري مقابلة صحافية مع الشيخين جمال منصور وجمال سليم حين قصفت طائرات الأباتشي مكتب الشيخ جمال منصور في لحظة واحدة ، فاستشهد برفقة الجمالين، وعمر منصور ومحمد البيشاوي وفهيم دوابشة.