السباقة دائماً في كل شيء، هي كتلة الوفاء الإسلامية، وهذه المرة كانت أول من يطرق باب الخزان مطالبةً الحكومة الفلسطينية، ووزارة التربية والتعليم العالي، وإدارة جامعة بيرزيت، بأخذ عريضتها و مقترحها لإعادة فتح أبواب الجامعة أمام الطلبة على محمل الجد، فأعدت لذلك مقترحاً تفصيلياً فيه الدلائل والقرائن، الحجة والحل، الدرب والوصول، حتى طرق أسماع الطلبة، والإعلام، واستطاع حتى اللحظة الوصول إلى موافقة وتوقيع أكثر من 4500 طالب، و19 محاضرٍ في الجامعة، وأثار انتباه الرأي العام الفلسطيني ودفعه لتبني المقترح والثناء عليه.
وكانت الكتلة الإسلامية قد قدمت أواخر ديسمبر المنصرم مقترحاً تفصيلياً لإدارة الجامعة وعمادة شؤون الطلبة، يدعو لإعادة فتح أبواب الجامعة للتعليم الوجاهي، بشكلٍ مدمج مع التعليم الإلكتروني في الحالات الخاصة، وبما لا يؤثر على صحة الطلبة وسلامتهم، ولا يخل بالعملية التدريسية وميزاتها، ومنذ يومين قررت الكتلة توسيع دائرة عملها فطرحت المقترح على شكل عريضة لجميع الطلبة والمحاضرين، لمجتمع بيرزيت بأكمله، بما يضمن وجود خيارٍ توافقي يحظى بموافقة الأغلبية.
وتطرق المقترح إلى سلبية التعليم الكتروني وقصور قدرته مقارنةً بالتعليم الوجاهي، حيث أسهب في الحديث عن آثاره من انتشارٍ للغش وسهولته، وعدم القدرة على تحقيق التوازن في المساقات والامتحانات بين سهل ترتفع نسب الغش فيه وصعبٍ يكاد الطالب لا ينجح به، ناهيك عن الأسباب التقنية مثل ضعف شبكة الانترنت في العديد من المناطق الفلسطينية، وازدياد الضغط على الأجهزة الحاسوبية المنزلية، والإنهاك النفسي والضغط على الطلاب والكادر التدريسي، وما تبعه من ضرر نفسي واجتماعي، ونوه المقترح إلى أن هذه المشاكل لا يمكن حلها أو تطوير إجابات لها بل هي دائمة ومستمرة، وخير دليل على ذلك أوضاع ونتائج الطلبة في الفصول الثلاثة الماضية.
الجزء الثاني من المقترح تناول فيروس كورونا، والوسائل المساعدة للتقليل من انتشاره وكيفية تحقيق التباعد الاجتماعي في المساحات الضيقة والأماكن المكتظة، كما اعتمد التقرير على تجربةٍ عددٍ من الجامعات الأجنبية في العودة للدوام الجامعي للفصل الدراسي(2020-2021)، وقدم أمثلة حية على تجاربها وكيفية مرونتها في الدمج ما بين الحفاظ على الصحة والتعليم.
وقدم المقترح في نهايته آلياتٍ مقترحة تساهم في العودة للدوام الوجاهي بشكلٍ سلس ومنظم وبدون خطرٍ على الطلبة، وتمثل ذلك بإلزام الجميع ارتداء الكمامات والالتزام بها وبشكلٍ إجباري ومشدد ودائم، إضافةً لتحديد أنواع الكمامات المستخدمة وقصرها على تلك التي توفر نسبة عالية من الحماية وهي الكمامات الطبية والكمامات ذات الفلاتر الثلاثية فقط، دون استخدام الكمامات القماشية العادية.
من بين الأليات المقترحة الاستعانة بلجان المتطوعين من الطلبة والكتل الطلابية والقيام بمسوح دورية لساحات الجامعة ومرافقها وقاعاتها للتأكد من التزام الجميع بارتداء الكمامات، والقيام أيضاً بفحوص دورية للطلبة، وتعقيم الجامعة ومرافقها بشكلٍ مستمر إضافةً لإلزام الطلبة بالتعقيم المستمر، وتحديد أعدادهم في الكافتيريات والساحات المغلقة، وتقديم التوعية الدائمة والمستمرة لهم عن أخر الأخبار الطبية الخاصة بالوباء والتقييم المستمر للوضع وتصحيح الخلل أولاً بأول.
وتطرق التقرير لإمكانية دمج التعليم الوجاهي الإلكتروني في الحالات الخاصة مثل إصابة أحد الطلاب أو أحد الكوادر الأكاديمية بالفيروس، بما لا يخل بالعملية التعليمية ولا يضعف من التواصل الأكاديمي مع الطالب، وبما يسهل من السيطرة على أعداد الطلبة ويقلل من أعداد تواجدهم في الحرم الجامعي بشكلٍ مستمر.
وبهذه الصورة تم اعتبار المقترح من قبل متابعين وطلبةٍ ومحاضرين، دراسة كاملة وشاملة بإمكان المؤسسات الفلسطينية سواء الأكاديمية أو الحكومية اعتمادها للتعامل بشكلٍ مرن مع الجائحة، وصولاً لحالة من المناعة الذاتية أو حتى الحصول على اللقاح، وانتهاء هذه الأزمة التي تعصف بالعالم بأقل قدرٍ من الخسائر.
وكانت إذاعة الأجيال قد أعدت حلقةً خاصةً لتغطية الموضوع، شارك فيها الطالب وليد حمد ممثلاً عن الطلبة الرافضين للتعليم الالكتروني، والمحاضر الدكتور مشهور مشاهرة عضو الهيئة الأكاديمية في دائرة اللغة العربية وآدابها، وتطرق الطالب وليد حمد لمقترح الكتلة الإسلامية وأشار إلى أن الجامعة لم تتجاوب معه، لذا قررت الكتلة الإسلامية تحويلها لعريضة لمشاركة الطلبة في التعبير عن رأيهم بما يرونه من إيجابيات وسلبيات التعليم الإلكتروني.
في المقابل أكد الدكتور مشهور مشاهرة أن الجامعة تدعم اعتبار التعليم أولوية، ولكن ما يجري هو ضغط ظرف قائم، منوهاً إلى أن الجامعة متفهمة ما قدمه الطلبة، وتسعى وتطمح للأفضل، لكنها ملزمة بالوضع الحالي ولا تستطيع غير ذلك، بل إنها وفرت مركز دعم فني وتكنولوجي، وساعدت الطلبة غير القادرين عن المتابعة، ناهيك عن أن حالات الغش متواجدة سواءً بوجود الجائحة والتعليم الإلكتروني أو غيابه، مؤكداً أن الطموح قد لا يمثل الوضع الحالي، لكن الجامعة بكوادرها المختلفة تسعى للأفضل وتعمل على ذلك وهي بخندق واحد مع الطلبة.
الطالب وليد بدوره أثنى على كلام المحاضر، لكنه أشار إلى أن التعليم الالكتروني قد يصلح في بعض المواد والتخصصات ولا يصلح للأخرى، ناهيك عن أن التعليم الإلكتروني أضاع فرصاً كبيرة على الطلبة والمحاضرين على حدٍ سواء، و سيترك أثارً سلبية على المستقبل بشكلٍ أوضح.