تعود علينا اليوم ذكرى استشهاد أحد الأبطال القساميين، القائد المجهول وحمامة المسجد التي لا تكل ولا تستسلم، الشاب عبد الرحيم جرادات، ابن مدينة جنين، وأحد طلبة جامعة النجاح الوطنية، وبرعم المقاومة المتنامي الذي لم يكسر عزيمته قيدٌ ولا تعذيبٌ ولا تهديد.
ولد عبد الرحيم عام 1974 لأسرةٍ ملتزمةٍ من مدينة جنين، ونشأ محباً للمسجد متعلقاً به، يصدح في جنباته بصوتٍ حيي عذب بآيات الذكر الحكيم، ومع انطلاق انتفاضة الحجارة برز في صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس، ليكون أحد السواعد الرامية في المدينة.
اعتقل للمرة الأولى ولما يتجاوز السادسة عشرة من عمره، وتعرض للضرب والشبح والحرمان من النوم، لكنه رغم ذلك صبر وصمد، وخرج بعد تسعة أشهر قوي العزيمة، ليكمل مشواره مع حركة حماس، ورغم سعيه للجهاد إلا أنه لم يهمل دراسته، بل كان متفوقاً على أقرانه، الأول في صفه دائماً، حتى نهاية الثانوية العامة حين حصل على معدلٍ مرتفعٍ أهله للالتحاق بكلية الهندسة في جامعة النجاح الوطنية.
خلال الانتفاضة أعاد الاحتلال اعتقاله مجدداً، عام 1992، وفي الاعتقال حفظ القرآن الكريم كاملاً، حتى إذا ما خرج من السجن انضم لإخوانه في صفوف الكتلة الإسلامية، في جامعة النجاح الوطنية ليكون أحد أعضائها البارزين وينال حب إخوانه.
ومن ثم التحق بكتائب القسام، لينضم إلى إخوانه المجاهدين في عمل سري ضمن جهازهم العسكري، وتتوالى مهماته الجهادية حتى يأتي اليوم المشهود في التاسع عشر من يناير 1996، حين كان الأبطال طارق منصور وعلان أبو عرة وعبد الرحيم في إحدى الطلعات الجهادية وإذ بكمين قد أعده الاحتلال للمجاهدين الأبطال، وهناك ارتقى الشهداء إلى ربهم، وقد أدوا أمانة الوطن، وحفظوا عهد المقاومة، وخطوا لمن بعدهم السبيل.