على صفحته الشخصية بموقع الفيس بوك يروي الشيخ ماجد حسن مرةً أخرى سيرة أحد الشهداء، هذه المرة يحكي عن صلاح التلاحمة، وكيف جمعت الأقدار فيما بينهما، فملكت شخصية صالح التلاحمة برقتها وخجلها وصدقها القوي تلابيب قلب الشيخ ماجد حسن، وتسيدت ذاكرته.
يروي الشيخ كيف التقى بصالح في جامعة بيرزيت، وعايشه لسنواتٍ عدة في سكنٍ جامعي، ومع الخلطة لم يجد الشيخ ماجد إلا كل طيب من ابن التلاحمة، فهو مؤدب ومعطاء، شديد الإيثار والإخاء، يكثر صوم النوافل وقيام الليل، بينه وبين ربه أكبر مما بينه وبين العباد، لذا كان حبه لدعوته ودينه أولاً.
وإن كان التخصص العلمي قد جمع يحيى عياش وصالح التلاحمة، فإن الدرب نفسه قد وحدهما ليكونا صديقين، حتى ليظن الرائي لهما أول الأمر أنهما أخان توأمان، لكثرة ما جمعهما من صفات، وكان يحيى كما يقول الشيخ ماجد يعتبر صالحاً أستاذه وملهمه، لهذا اعتبر الاحتلال أن الأثر الذي تركه صالح أشد عمقاً من خطر المجاهدين على الاحتلال، بل إنه يقف وراء كل العمليات الاستشهادية التي نفذتها كتائب القسام في محافظة رام الله طيلة فترة الانتفاضة.
نظرة الاحتلال هذه دفعت الأجهزة الأمنية لاعتقاله في الزنازين بالإضافة لمجموعةٍ من إخوانه، الذين قضوا سنوات في سجون الأجهزة الأمنية، فقضى التلاحمة ما يزيد عن الأربع سنوات قبل أن يخرج من زنازينهم ليواصل درب الجهاد، أمدٌ قصير بعدها وسيرتقي الملهم التلاحمة إلى باريه في أعقاب مواجهة بطولية خاضها مع رفيق دربه "سيد الشيخ قاسم" استخدم فيها جنود الاحتلال القذائف والصواريخ على ثرى مدينة البيرة.
ينتقل الشيخ حسن لسيرة حسنين رمانه، الذي عرفه شبلاً يانعاً من أشبال مسجد العين في البيرة، وكانت معالم القيادة تبدو عليه منذ الصغر، ومن أبرزها قيادته لمظاهرة طلاب مدرسة رام الله الثانوية عام 1986 وهو لما يتجاوز السابعة عشر من العمر، وذلك ثورةً على استشهاد "جواد أبو سلمية وصائب ذهب" شهداء الكتلة الإسلامية الأوائل في جامعة بيرزيت.
إثر هذه المظاهرة اعتقل رمانه ليكون أول أشبال الحركة الاسلامية خوضاً لتجربة الاعتقال في محافظة رام الله، لاحقاً قاد الحركة الطلابية الإسلامية في مدارس محافظة رام الله في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وساهم في تشييد مسجد أبو عبيدة في المنطقة الصناعية بالبيرة حيث انتقل للسكن، وكان له مأثر عظيمة في تاريخ الحركة الإسلامية ختمها باستشهاده في أعقاب معركة بطولية خاضها لوحده واستمرت عدة ساعات استخدم العدو الصهيوني فيها القذائف الصاروخية، وقذائف الدبابات.
اما "سيد الشيخ قاسم " وهو كما يروي الشيخ حسن، له من اسمه نصيب، سيدٌ في دماثة أخلاقه، وسيد في أدبه وحسن خلقه، كلماته قليلة، ولكن أفعاله عظيمة، كان من شباب المسجد العمري-البيرة المميزين ورغم ذلك كان جندياً مجهولاً، لذا مثل خبر مطاردته مفاجأة للجميع، خاصةً ما أثير لاحقاً عن كونه أحد كبارمهندسي القسام.
استشهد سيد برفقة صديقه وملهمه صالح التلاحمة، وجميع هؤلاء الشهداء مثلوا صفحة بيضاء ومشرقة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، مسطرين بدمائهم وجهادهم أروع وأينع وأسمى معاني البطولة والتضحية والفداء.