صائماً يوم الخميس، وقائماً ليلة الجمعة، مصلياً الفجر ارتقى الشهيد خالد الزير ليرى وجه ربه صبيحة يوم السادس والعشرين من نوفمبر من عام 1993، بعد أقل من يومين على استشهاد القسامي عماد عقل في غزة، استشهد خالد ساجداً مقبلاً على ربه، مدبراً لدنيا ما رأى فيها غايته ولا مراده.
ولد خالد الزير في عام 1969، في بلدةٍ قريبةٍ من بيت لحم، ومنذ نعومة أظفاره نشأ محباً للمسجد، ورياضياً مولعاً بكرة القدم، ولاحقاً غدا مؤسساً لروضة أطفالٍ قريبةٍ من المسجد، ومشرفاً عليها، كما عُرف عنه عمله الاجتماعي الدؤوب وسعيه للتعارف ونشر الدعوة بمختلف الطرق، وهو الأمر الذي أهله ليكون معروفاً بين إخوانه في جامعة القدس أبو ديس، وليغدو فرداً ناشطاً في الكتلة الإسلامية هناك.
في مرحلةٍ لاحقة وبعد تخرجه وأثناء انشغاله بتأسيس روضة الأطفال، تزوج خالد ورزق بطفلةٍ صغيرةن ورغم كل ما ملكه، وإقبال الدنيا عليه إلا أنه أقبل على ربه وكان الجهاد دربه، فبذل الغالي والنفيس لأجل الجهاد، وباع مجوهرات زوجته لشراء السلاح، وبفضل براعته في السياقة أضحى دوره مهماً في كتائب القسام، وشكل مع رفيقه محمد عزيز رشدي من مخيم العروب في الخليل خليةً واحدة.
تزامن هذا مع خروجه من السجن عام 1990، وإداركه أن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير الأرض، ورويداً رويداً تقدم عمله الجهادي حتى شارك في قتل الكولونيل الصهيوني قرب مستوطنة تقوع في منطقة التعامرة جنوب بيت لحم بصحبة أخيه محمد طقاطقة، وأخيه محمد عزيز رشدي، كما شارك في إطلاق النار على باص قرب بلدة حلحول أدى لإصابة عدد من الصهاينة وشارك في عملية المجنونة قرب دورا بإطلاق النار على سيارة فورد ترانزيت ،فقتل سائقها وجرح معه جندياً آخراً وشاركه فيها إبراهيم سلامة وعبد الرحمن حمدان اللذان استشهدا لاحقاً، و شارك في الإعداد لخطف الجندي ( يرون حين) وقتله.
مع استمرار عملياته الجهادية، وإثر عودته من عملية إطلاق نار باتجاه باص جيب عسكري في منطقة سعير ، فوجئ خالد وكان يقود السيارة بحاجز عسكري ، حيث كانت احتفالات لحركة فتح بمناسبة اتفاقية اوسلو بتاريخ 14/9/1993 م فانقلبت السيارة وانسحب هو وإخوانه مثخنون بالجراح تاركين ورائهم قائدهم محمد عزيز رشدي الذي آثر التضحية بنفسه ليحمي انسحاب إخوانه.
بعد هذه العملية أصبح خالد الزير مطارداً ومطلوباً، لكلٍ من الأجهزة الأمنية وقوات الاحتلال، واستمرت مطاردته قرابة الشهرين، حتى استطاعت عيون العملاء والخائنين رصده وحاصرته قوات الاحتلال في منزل أخيه المجاهد إبراهيم عميرة، ببلدة صور باهر المتاخمة للقدس المحتلة، رفض خالد الاستسلام، ودخل في اشتباك مسلح لم يخرج منه إلا ساجداً وشهيداً ومقبلاً على الله غير مدبر.