يدخل اليوم الأسير محمود شريتح، رئيس مجلس طلبة جامعة بيرزيت سابقا عن الكتلة الإسلامية، عامه ال19 داخل سجون الاحتلال، مسطرا أنموذجا في الصبر والاحتساب رفقة إخوانه، عقب حياة جهادية حافلة بالتحدي والتضحيات.
ما بين عامي 1997 و1999 أضحى الطالب محمود حماد محمود شريتح أمير الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت، وما بين عامي 1999-2001 تولى منصب رئيس مجلس الطلبة، وعُرف بنشاطه وفعاليته التي شدت مزيداً من الأنظار إليه.
محطة الدعوة الإسلامية في حياة شريتح لم تبدأ من هنا، إنما سبقتها ملاحقة واعتقالات على يد الأجهزة الأمنية الفلسطينية، منها ما كان بسبب نشاطه في الكتلة الإسلامية ومنها ما كان لمناهضته التطبيع ورفضه لزيارات المطبعين لجامعة بيرزيت، والذين كان من أبرزهم وزير الخارجية الفرنسي جوسبان الذي وصف المقاومة بالإرهاب.
عوداً على بدء، فقد ولد محمود شريتح عام 1977، في بلدة يطا التابعة لمحافظة الخليل، وفي تلك البلدة تدرج في مساره التعليمي حتى وصل الثانوية العامة وأنهاها عام 1995 بتفوقٍ ونجاحٍ بالغ، أهله للالتحاق بكلية الهندسة الكهربائية في جامعة بيرزيت، وبعد طول عناء، وتألق في إمارة الكتلة الإسلامية، وتطوير أنشطتها تخرج شريتح من الجامعة، لكن الاعتقال حرمه هذه المرة من فرحة تخرجه.
وإن كان من صفة قد يتحلى بها من يمسك زمام العمل العسكري، فهي القدرة على الصمت وكتم الأخبار، والمبادرة في خدمة الآخرين دون منادٍ، وهذه كانت أبرز صفات محمود، كما عُرف عنه تدينه والتزامه العالي، فقد التحق بدورات تحفيظ القرآن الكريم في سنٍ مبكرة، وواظب على صيام الإثنين والخميس، وأتم خلال سجنه حفظ سبعة عشر جزءاً من القرآن الكريم، ناهيك عن قدراته الخطابية والشعرية، التي توجت بحصوله على جائزة القصيدة الأولى أيام دراسته الجامعية.
بعد تخرجه نشط شريتح في الجناح العسكري لحركة حماس، وتصدر مسؤولية تجهيز الاستشهادي إياد رداد، الذي أدت عمليته الاستشهادية وسط دولة الإحتلال لمقتل 6 صهاينة، كما ساهم في تشكيل خلايا عسكرية، وتدريبها على السلاح وتجهيز العبوات الناسفة، وسعى لإرسال استشهادي لتفجير مقهى آخر في دولة الإحتلال، لكن قوات الاحتلال استطاعت اعتقاله قبل أن يصل إلى هدفه.
هذه المشاركة الفعالة أدت لتحوله لمطارد ومطلوب من قبل الإحتلال، فتعرضت عائلته للملاحقة والتهديد، واقتحم منزله مراتٍ عدة، كما اعتقل أشقاؤه الخمسة، وتم قصف منزله، حتى تم اعتقاله في مدينة البيرة عام 2002، إثر اقتحام عناصر من القوات الخاصة الصهيونية مسجد سيد قطب، بعدها نُقل إلى المسكوبية وخضع لتحقيقٍ قاسٍ لما يزيد عن الثلاثة أشهر، وعُزل انفرادياً لأكثر من 50 يوماً، كما تم حرمانه من زيارة عائلته ووالديه.
نتيجةً لكم التهم الموجهة له، ولدوره في المقاومة حكمت المحكمة العسكرية الصهيونية على شريتح بالسجن المؤبد سبع مرات، هذا الحكم كان اعتياداً جداً لشريتح حتى أنه وقف أمام القاضي وقال له :"أنا لم أقاتل مع أحد بل قاتلت مع الله وهو الذي سيفرج عني ولن يتركني".