في يوم الأسير الفلسطيني..هُناك طالبات أسيرات أيضًا في زنازين الاحتلال

في السابع عشر من نيسان من كل عام، يُحيي الفلسطينيون "يوم الأسير الفلسطيني"، يوم الوفاء لأولئك الذين قُيّدت حريّتهم دفاعاً عن كرامة الوطن والحق. في هذا اليوم، تتجه الأنظار إلى قضية الأسرى الفلسطينيين كافة، رجالاً ونساءً، وعلى وجه الخصوص إلى الأسيرات الفلسطينيات اللواتي يشكّلن نموذجاً فريداً من الصمود والإرادة.

فمنذ عام 1967، اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ما يزيد عن 17 ألف امرأة فلسطينية، بينهن أمهات وطاعنات في السن، ونساء حوامل، وأخريات من ذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى قاصرات ونائبات منتخَبات في المجلس التشريعي. ورغم اختلاف الزمان والمكان، ظلّت تجربة الاعتقال مليئة بالألم والتحدي والمواجهة. واليوم، ما زالت 40 أسيرة فلسطينية يقبعن في سجون الاحتلال، يواجهن يومياً إجراءات قمعية وحياة قاسية تنتهك أبسط حقوقهن الإنسانية.

ورغم أن الاعتقال بحد ذاته تجربة قاسية، فإن فئة من الأسيرات تحمل فوق آلام السجن أعباء أخرى مضاعفة، وعلى رأسهن الطالبات الجامعيات اللواتي حُرمن من حق التعليم، وحلم الشهادة، والمشاركة في بناء مجتمعهن. فتحوّلت قاعات الدراسة إلى زنازين، وبدلًا من التحضير للامتحانات، وجدن أنفسهن يواجهن جلسات محاكمة عسكرية تفتقر لأدنى معايير العدالة.

حيث تتعمد سلطات الاحتلال استهداف الطالبات الناشطات في العمل النقابي أو المجتمعي داخل الجامعات الفلسطينية، في محاولة لخنق أي صوت حر ومثقف. وتتعرض هؤلاء الأسيرات لظروف احتجاز صعبة داخل سجون مثل "الدامون"، هناك يُحرمن من الكتب، والمراجع، والتواصل المنتظم مع عائلاتهن، وحتى من الحق في استكمال تعليمهن عن بُعد.

وهو ما يجعل استهداف الطالبات هو استهداف للمستقبل الفلسطيني ذاته، ولحلم النهوض بالعلم والمعرفة. ومع ذلك، فإن إرادة الأسيرات لا تنكسر. فكثير منهن يُصررن على حمل كتبهن خلف القضبان، وعلى أن تبقى عقولهن حرة رغم قيود السجن.

وفي هذا السياق، تتصاعد وتيرة استهداف الاحتلال للطالبات الجامعيات، إذ لم تسلم أي جامعة فلسطينية تقريبًا من عمليات الاعتقال التي تطال طالباتها في وضح النهار أو في جنح الليل، وسط اقتحامات وحملات تفتيش تنتهك حرمة البيوت والمؤسسات التعليمية على حد سواء. ففي الآونة الأخيرة، وتزامنًا مع شهر رمضان وعيد الفطر السعيد، وثّق تصاعد ملحوظ في الهجمة الاحتلالية وتوسّع عدد حالات الاعتقال لطالبات من جامعات مختلفة في الضفة الغربية.

شملت هذه الحملة الطالبة حلا محمد موسى عامر، البالغة من العمر 20 عامًا، وهي طالبة في كلية التمريض في الجامعة العربية الأمريكية، حيث اعتُقلت من منزل عائلتها في مدينة جنين بعد اقتحامه، وتعرضت لتحقيق مكثّف قبل نقلها إلى سجن الدامون. وفي سياق مشابه، قررت محكمة الاحتلال غير الشرعية تمديد اعتقال الطالبة تسنيم عودة، ابنة الشهيد بركات عودة، وهي طالبة في كلية الحقوق بجامعة القدس – أبو ديس، حتى تاريخ 22 أبريل 2025.

بينما اقتحمت قوات الاحتلال عائلة الطالبة إباء عمار الأغبر، من كلية الطب بجامعة النجاح الوطنية، حيث اعتُقلت بعد مداهمة منزلها، وتم تحويلها إلى الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر دون توجيه تهم واضحة لها، لتصبح واحدة من بين عدة طالبات يعانين من سلب حريتهن دون محاكمة، كما اعتقلت الطالبة في نفس الجامعة ابتهال نواف العامر، بعد مداهمة منزلها فجرًا.


أما في جامعة بيرزيت، فقد اعتقلت قوات الاحتلال الصحفية والطالبة نادين جعفر من داخل المسجد الأقصى، إضافة إلى اعتقال الطالبة شهد ماجد حسن التي حُوّلت للاعتقال الإداري لأربعة شهور، كما تم اعتقال الطالبة كرمل خواجا من منزل عائلتها في بلدة بيرزيت، في الوقت الذي تم فيه تمديد اعتقال الطالبة المقدسية شادن قوس.

ولم تسلم جامعة الخليل من هذا الاستهداف، فقد اعتُقلت الطالبة سماء نادر المسالمة، بينما صدر قرار جوهري من قبل محكمة الاحتلال بحق الطالبة عرين القواسمي، ما يعكس الإصرار على تدمير البنية التعليمية الفلسطينية والنيل من الطالبات اللواتي يُعتبرن عناوين للوعي الوطني والتعبئة الطلابية.

هذه الاعتقالات، التي تطال طالبات في عمر الزهور، لا يمكن فصلها عن السياق العام للاستهداف الإسرائيلي الممنهج للفلسطينيين، خاصة داخل الجامعات. فالطالبة الجامعية، بكتبها وأحلامها، تُعامل كمصدر تهديد يجب تحييده، لتستمر بذلك مأساة التعليم المكبّل بالقيود، والمقاعد الجامعية الفارغة في انتظار صاحباتها.

كلمات مفتاحية :
مشاركة عبر :