يفصلها عن الشهادة الجامعية بندقية، ويفصلها عن فلسطين التاريخية مرمى حجر، ويفصلها عن الحرية جدران وقضبان وسجون، ليان كايد، ثائرة بيرزيت وأقوى الرفيقات عنواناً بها، وقفت في وجه الجلاد تخط رسائلها للأحبة والأهل قائلةً بعد شوق:" لم أصعد الكرمل لأرى حيفا -كأحمد العربي في قصيدة محمود درويش- إنما لتغيب عني حتى نجومها بينما أنا فيها أغيب عنكم. والكرمل لم يكن سُلّما، إنّما صليب أقتاد إليه في تلك السوداء التي ليست إلا تمثّلا لتابوت متحرك على عجلات، والسجن ليس إقامة وغرفة فقط، إنما الطريق للسجن سجن، وخلاله سجن للحاضر ومحاولة لسجن مستقبلنا".
تصف كلمات ليان طريقها بين السجن والمحكمة، في تابوت اسمه البوسطة، ختامه سجن ومبتدأه سجن، وبينهما يقف مستقبلها معلقاً، فيما تحاول عائلتها مداراة الألم بالمزيد من الصمود والعزم والتحدي، فالتهمة التي وجهها الاحتلال لليان، بقيامها بنشاطٍ طلابي نقابي مناهض له تعتبرها العائلة وساماً وأيقونة نضال لا زاوية انكسار.
بعد اعتقال ليان على حاجز زعترة العسكري الذي يفصل الطريق ما بين بلدتها سبسطية وموئل تخرجها جامعة بيرزيت، أخضعها لتحقيقٍ قاس ومكثف، ثم وجه لها مجموعة تهم مثيرة للسخرية من بينها: "المشاركة في مسيرة طلابية، والتحريض على رشق الاحتلال بالحجارة، والنشاط في "القُطب الطلابي"، أحد الكُتل الطلابية في بيرزيت، و"المشاركة في إعداد أكلة شعبية هي الفلافل وتقديمها في نشاط معاد لإسرائيل"، والمشاركة في ندوة سياسية ضمن معرض للكتاب في الجامعة."
والدة ليان ووالدها الدكتور نزار كايد يشيران إلى عزيمة ابنتهما التي كانت تستعد لإختتام معاملات تخرجها من جامعة بيرزيت، بالقول: "احتجزت ليان في زنزانة بكاميرات مراقبة، وتعرضت لشتائم متواصلة من محتجزين جنائيين في الزنازين المقابلة، ولكن نقلها المتكرر من سجن هشارون في شمالي فلسطين المحتلة إلى عوفر غرب رام الله بالضفة الغربية لاستكمال التحقيق، كان وسيلة أخرى للضغط عليها وإرهاقها."
وعن أثر اعتقال ليان على العائلة، أشارت والدتها إلى أنه صعب على العائلة، فهي فتاة غير عادية، مثقفة وشاعرة، وحصلت على عدة جوائز، ولها لقاءات ثقافية ونشاطات متنوعة، "ونحن كعائلة نؤمن أن العمل الوطني والسياسي الذي نمارسه ونعمل له، له استحقاق علينا وسندفع ثمنه من حياتنا وأولادنا، وكان والدها الدكتور نزار قد اعتقل سابقاً لدى الاحتلال نتيجة نشاطه السياسي المقاوم أيضاً.
مؤخراً مدد الاحتلال اعتقال ليان مرةً أخرى، وأعادها إلى سجن هشارون الذي تُحتجز فيه أكثر من أربعين أسيرة فلسطينية، بينهن أربع طالبات من جامعة بيرزيت يعتقلهن الاحتلال بتهم النشاط في الحركة الطلابية.