الشهيد عبد الله القواسمي.. مصنع التضحيات الذي لا ينضب

في الواحد والعشرين من شهر حزيران من العام 2003، اقتربت من مسجد الأنصار في وسط مدينة الخليل ثلاث سيارات يختبئ بها أفراد من وحدة الإغتيال الصهيونية المسماة فرقة اليمام، لتطلق النار على القسامي عبد الله القواسمي أثناء خروجه من صلاة العشاء، وبشكلٍ كثيف ازداد قوة إثر تأكدها من هويته، الخوف في قلوب الصهاينة لم يتوقف هنا بل امتد لسحب جسد الشهيد وفحصه بالربوت الآلي وفحصه والتأكد من إتمام عملية الاغتيال بحقه.

كانت هذه خاتمة قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام في منطقة الخليل، والذي حملته دولة الاحتلال مسؤولية أكثر من 18 عملية عسكرية واستشهادية، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 50 صهيونياً، ليكون بذلك عقلاً مدبراً في درب المقاومة، ومصنعاً للاستشهاديين لا يخف أواره.

ولد الشهيد عبد الله عبد القادر القواسمي في مدينة الخليل عام 1960م ودرس في مدارسها حتى نال الشهادة الثانوية العامة والتحق بجامعة الخليل عام 1982م، في وقتٍ كان نور الكتلة الإسلامية قد بدأ يبزغ في عددٍ من جامعات الضفة الغربية، والتيار الإسلامي  يزداد قوةً،  ولظروف اجتماعية واقتصادية لم يتمكن من إكمال دراسته الجامعية، تزوج لاحقاً من فتحية القواسمة وهي من مدينة نابلس وخريجة جامعة الخليل، وله منها  ستة أبناء أكبرهم بيان وأصغرهم عبد القادر.

اعتقل الشهيد  في المرة الأولى عام 1988، بتهمة المقاومة، ومن ثم أعيد اعتقاله لاحقاً عام 1992 وإبعاده إلى مرج الزهور، وعندما انتهى ملف الإبعاد وعاد جميع الفلسطينيين البالغ عددهم 417 إلى فلسطين، أعيد عبد الله إلى أقبية التحقيق، وحكم عليه بالسجن لمدة عام كامل.

ولم يسلم الشهيد عبد الله من أذى الأجهزة الامنية لاحقاً، فقد تم اعتقاله لمراتٍ عدة وتم في أخدها نقله إلى سجن أريحا المركزي، حيث تعرض إلى  أشد صنوف التعذيب والشبح والعذاب النفسي، وقد قامت المخابرات الفلسطينية والأمن الوقائي بعزله في زنزانة انفرادية لمدة 130 يوما وقد صادف اعتقاله الأول في سجون السلطة مع الذكرى العاشرة لانطلاق حركة حماس في 14-1-1998م، وقد اعتقل معه شقيقه الأكبر الشيخ شفيق القواسمي 55 عاما وأبناءه باسل وإيهاب وأشقائه محمد ومحمود واحمد وعمر واعتقلوا معهم عدد آخر من المستأجرين في البناية التي كان يقطنها القواسمة، ووجهوا له تهمة إيواء مطاردين في كتائب القسام.

لاحقاً تم وضع الشهيد تحت الإقامة الجبرية حتى اندلاع انتفاضة الأقصى، ومن ثم طاردته قوات جيش الاحتلال وفقاً للتهم التي وجهتها له الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ومنذ بداية شهر آذار 2003 أصبح عبد الله القواسمي الهدف الأول لقوات الاحتلال، حيث كان الاحتلال يداهمون المنزل يومياً، ويحققون معها بهدف الوصول لمعلوماتٍ عنه.

 قوات الاحتلال لم تكتف بذلك بل داهمت بيوت أقارب له، وقامت بعمليات مداهمة لعدة منازل، وتفجير الكهوف والمغارات، كما لاحقته في مختلف مناطق الخليل، حتى تمكنت من اغتياله بأسلوبٍ جبان اعتمد التخفي بزي عربي، ومهاجمته أثناء خروجه من صلاة العشاء، ليرحل الشهيد عبد الله القواسمي مخلفاً ورائها سجلاً ناصعاُ في المقاومة، والكثير من الخسائر في صفوف العدو.

مشاركة عبر :