بيرزيت.. جامعة العلم والمقاومة

دائما ما كانت الجامعات الفلسطينية محط تفاعل مع القضايا والأحداث الوطنية، فشهدت ساحاتها عبر تاريخ النضال الفلسطيني الفعاليات والأنشطة التي عززت في نفوس الشباب حب الوطن وثقافة مقاومة الاحتلال، حتى تخرج من صفوفها شهداء أجلاء سطروا ببسالتهم ودمائهم أروع ملاحم الفداء التي تفخر بها الذاكرة الفلسطينية، فضلا عن عدد كبير من قادة العمل الوطني الفلسطيني من كافة الفصائل.

جامعة بيرزيت كانت وما تزال إحدى أهم الجامعات الفلسطينية التي لعبت دورا كبيرا في تخريج أفواج من الشهداء والقادة، وبسبب دورها المركزي والتاريخي في النضال الفلسطيني؛ تتعرض جامعة بيرزيت بشكل شبه دائم لهجمات عديدة تشنها دولة الاحتلال في محاولة للضغط على إدارة الجامعة للتحول عن مسارها الوطني المعروف.

ومع تزايد الضغط الذي اتخذ منحىً مختلفا منذ نهايات العام الماضي؛ أطلق نشطاء فلسطينيون حملة تضامن واسعة مع الجامعة حينها، إثر تخوفهم من خضوعها لتأثير التحريض الإسرائيلي المتصاعد عليها بسبب نشاط طلبتها السياسي، إذ وصفوها حينها بأنها "آخر قلاع الحرية والعمل الوطني في الضفة الغربية".

وها هو المشهد يكرر نفسه من جديد، إذ يشن الاحتلال حملة جديدة ضد الجامعة متهما طلبتها بممارسة نشاطات نضالية جديدة، في حين يعتبر الفلسطينيون ذلك حقا مشروعا في الدفاع عن أرضهم من إجرام الاحتلال الذي يقتل ويشرد ويعتقل ويدنس المقدسات ويستولي على أراضي فلسطين دون هوادة.

الكتلة الإسلامية.. منبع الشهادة والفخر

تعد الكتلة الإسلامية أحد الأطر الطلابية في جامعة بيرزيت، والتي لعبت دورا رياديا في الأحداث السياسية الفلسطينية، كما ترعرع في رحابها جملة من الشهداء الذين ما زالوا محط فخر لجامعتهم، حتى باتت تعرف بهم وتزين قوائمها بأسمائهم الطاهرة، كثلة من الرجال الذي صدقوا ما عاهدوا عليه، وترجموا حبهم لأوطانهم بمقاومة أسطورية حتى الشهادة.

ولكوادر الكتلة الإسلامية ونشطائها في جامعة بيرزيت حضور مميز في تعزيز الروح الوطنية المقاومة للاحتلال، كما شكلت عبر أنشطتها واحدة من الأطر الطلابية الفاعلة في ساحة الجامعة، وترك أبناؤها وكوادرها بتميزهم واجتهادهم بالغ الأثر في تكوين الشخصية الوطنية الفلسطينية.

ونتيجة للعطاء الذي يقدمه أبناء الكتلة الإسلامية، فقد شن الاحتلال وما يزال، حملات اعتقالات كبيرة طالت العشرات منهم، في محاولة لتغييب الأثر الكبير الذي تلعبه الكتلة الإسلامية في ساحة الجامعة، والذي يمتد لكل شبر من فلسطين.

وإلى اللحظة يواصل الاحتلال اعتقال عدد من كوادر الكتلة في تحقيق المسكوبية، فضلا عن عشرات المعتقلين في سجونه، والذين يقضون أحكاما مختلفة بسبب نشاطهم وخدمتهم لزملائهم الطلبة.

تاريخ من الانتهاكات بحق الجامعة

وكانت بيرزيت منذ نشأتها عام 1972 هدفا إسرائيليا، وتعرضت للإغلاق بأوامر عسكرية 15 مرة، أشهرها عام 1980 عندما أصدر الاحتلال أمرا يحمل الرقم 854 ينص على وضع مؤسسات التعليم العالي تحت إمرة الحاكم العسكري ومنحه السيطرة على تسجيل الطلبة وتعيين الطاقم الأكاديمي والإداري. عندها رفضت بيرزيت بحركتها الطلابية وعامليها وإدارتها القرار إلى أن تم إيقاف تطبيقه.

وقبل ذلك، عام 1974، قرر الاحتلال إبعاد رئيسها حنا ناصر إلى خارج فلسطين لمدة 19 عاما بتهمة التحريض. وفي يناير/كانون الثاني 1988، وبعد شهر من اندلاع الانتفاضة الأولى، شهدت الجامعة أطول إغلاق في تاريخها استمر 51 شهرا. وخلال هذه الفترة رفضت الأمر الواقع بمواصلة التدريس خارج حرمها المغلق في قصر الحمراء وجمعية الشبان المسيحية وقاعات أخرى بمدينة رام الله.

وبفعل نضال طلبتها ضد الاحتلال، قدمت الجامعة 28 شهيدا أولهم الطالب شرف الطيبي عام 1984، وآخرهم الطالب محمد أبو غنام فيما عُرفت بهبّة البوابات على مداخل المسجد الأقصى تموز 2017.

مشاركة عبر :