هاشم النجار.. الإعلامي الذي حرر خبر استشهاده

في شهر الانطلاقة، وبالعشر الأواخر من رمضان عام 2000، قرر الإعلامي هاشم النجار أن يكتب نهاية قصة حياته بالطريقة التي يحب، فمضى واثق الخطى باسم الوجه محلّق الروح نحو مستوطنة ميحولا، ليفجر حزامه الناسف مطيحًا بالعشرات من الصهاينة قتلى وجرحى.

 

تمثل حياة هاشم النجار أيقونة متمازجة تجمع بين الشمال والجنوب الفلسطيني، فالفتى الذي ولد ونشأ في خليل الرحمن، بتاريخ 21/9/1975، لأسرة تعود أصولها إلى قرية الفالوجة، والذي صنعته مساجد مدينة الخليل، وصقلت فيه حب المقاومة والجهاد، فأثمرت مع الانتفاضة الأولى رحلةً جهادية عامرة، ليكون في مقدمة صفوف السواعد الرامية لحماس، ويغدو الاعتقال في سجون الاحتلال من نصيبه لمدة عامٍ كامل، صهره حتى أنتج منه رجل المحن والصعاب، احتضنته مدينة نابلس لتكون خاتمة حياته انطلاقاً منها، وليغدو اسمه كثير الترداد في أروقة جامعتها.

 

عوامل كثيرة أسهمت في تشكيل هاشم، من بينها البيت المؤمن الذي تربى فيه والذي يضم ست أخوة وست أخوات، عُرف عنهم الالتزام والخلق الحسن، التحاقه أيضاً بمدارس وكالة الغوث، وانتسابه لأسرة ذاقت مرارة النكبة عززت من علاقته بالأرض وبغضه للمحتل، أضف إلى ذلك اعتقاله لمرتين في سجون الاحتلال، تارةً بتهمة المقاومة بالحجر، ولاحقاً بتهمة الانضمام لحركة حماس والمشاركة بفعالياتها.

 

سياسة الاعتقالات لم تتوقف بحق هاشم حتى بعد مجيء السلطة الفلسطينية، فقد كان من ضمن الشباب الملتزم الذي تعرض للملاحقة والاعتقال والتحقيق، لكن ذلك أيضاً لم يثنه عن دربه قيد أنملة.

 

بعد إكمال هاشم لدراسته الثانوية، انتقل من الخليل إلى نابلس، والتحق بجامعة النجاح الوطنية قسم الصحافة والإعلام، ومنذ إطلالته الأولى برز في صفوف الكتلة الإسلامية، ناشطاً دؤوباً ساعياً في دروب الدعوة، حاملاً لواء الإسلام، ساعياً في خدمة زملائه، فحمل على عاتقه مسؤولية لجنة طلاب مدينة الخليل، وحرص على متابعتهم ورعاية شؤونهم، خاصةً مع ما أصابهم من انقطاع عن أهاليهم في انتفاضة الأقصى.

 

لكن هذه المسؤولية لم تثن هاشم عن السعي للشهادة والعمل المقاوم، ففي يوم الجمعة الموافق 22/12/ 2000م الموافق 26/ رمضان 1421هـ وبعد الصلاة مباشرة، انطلق البطل إلى مستوطنة ميحولاً المحاذية لغور الأردن، ودخل استراحة تكتظ بأفراد من جيش الاحتلال، في أثناء ذلك يلحظ هاشم رجلاً عربياً فيطلب منه مغادرة المكان، وحالما يغادر الرجل يدوي انفجارٌ في المكان، يصيبه بدمارٍ كامل، تدفع طائرات العدو وسيارات الإسعاف للاستنفار وتطويق المكان والمسارعة لإجراء القتلى والمصابين.

 

عملية هاشم، كانت ترجمةً واقعية لتصميم إعلامي صاغه لصحيفة مقترحة بهدف التدرب على فن الإخراج الصحفي، أخرج هاشم صحيفته، وعنونها بخطٍ عريضٍ وأحمر، احتل خمسة أعمدة، قال فيه "عملية استشهادية منفذها طالبٌ بقسم الصحافة في جامعة النجاح الوطنية"، رحل هاشم وترك خلفه عائلةً تحيا بذكره، يقول والده: "كل الصفات الحسنة فيه كان قارئا للقرآن، كان يقبل يدي كل صباح، لا أجد أجمل وأطيب من صفاته وأخلاقه لم يزعلني في يوم من الأيام لم يقل لي كلمة واحدة تغضبني".

 

وقال عنه أصدقاؤه: "لم يكن هاشم رجلا عاديا إنما كان رجل تغيير، رجلا تملأه الغيرة على دينه وقضيته، كان أميراً للأقصى وهكذا قضى".

مشاركة عبر :