توافق اليوم الذكرى الثانية والعشرين لاستشهاد المهندس الثاني في كتائب الشهيد عز الدين القسام، الشهيد محيي الدين ربحي سعيد الشريف، وأحد طلبة وخريجي جامعة القدس أبو ديس.
ولد الشهيد المهندس محي الدين الشريف في بلدة بيت حنينا شمال القدس المحتلة عام 1966 م ، وفيها تلقى تعليمه الأساسي وحصل على شهادة الثانوية العامة، ونتيجة لتفوقه استطاع الالتحاق بقسم الهندسة الالكترونية، في كلية العلوم والتكنولوجيا بجامعة القدس أبو ديس.
عُرف الشهيد بحسن الخلق والالتزام، الأمر الذي أهله للتعرف على نشطاء الكتلة الإسلامية في جامعة القدس والانضمام لصفوفها خلال فترة وجيزة، ونتيجة لذلك فقد تم اعتقاله خلال سني دراسته الجامعية على يد الاحتلال الصهيوني.
حفلت حياة الشهيد بالمطاردة والاعتقالات، فقد اعتقله الاحتلال في الانتفاضة الأولى لمدة سنتين ونصف ثم أعاد اعتقاله في النصف الأخير منها عام 1991، لمدة سنة ونصف بتهمة إيواء مطاردين من كتائب عز الدين القسام، وقد تعرض خلال اعتقاله لتعذيب شديد، لكن شدة التعذيب وقسوة السجان لم تفت في عزيمته، فظل صامداً كتوماً محافظاً على سر إخوانه المجاهدين.
وفي عام 1995 حاولت قوات الاحتلال اعتقاله مرةً أخرى على خلفية عمله العسكري مع الشهيد المهندس يحيى عياش، ومشاركته مع حسن سلامة في التخطيط لعمليات الثأر المقدس، لكنه استطاع الانسحاب وأصبح على رأس قائمة المطاردين، وكان رد قوات الإحتلال وتعبيرها عن عجزها في اعتقاله أن قامت بهدم منزل عائلته انتقاماً منه.
ورث الشهيد صناعة المتفجرات وإعداد الاستشهاديين عن الشهيد المهندس يحيى عياش، وكانت عملية المحطة المركزية في تل أبيب أول أعماله الجهادية، تلاها عمليات استشهادية أخرى بالتعاون مع محمد الضيف وعادل عوض الله وحسن سلامة، وحسب جيش الاحتلال فقد تسببت عملياته بمقتل أكثر من 129 صهيوني وإصابة أكثر من 995 آخرين.
ولم تلبث الأجهزة الأمنية الفلسطينية أن استلمت زمام مطاردته، فقامت بإطلاق النار عليه عام 1996 أثناء تواجده في سيارته، غير أنه استطاع النجاة، لكنها لم تلبث أن استمرت في مطاردته حتى استطاعت اعتقاله عام 1998.
في تلك الفترة تعرض محيي لتعذيب شديد على يد زبانية الأجهزة الأمنية، وكان أبرز من قام بتعذيبه جبريل الرجوب، ونجم عن عمليات التعذيب إصابة في ساقه تطورت حتى تم بترها، وبقي في سجون الأجهزة الأمنية حتى استشهاده.
ففي تاريخ التاسع والعشرين من مارس 1998، عُثر على الشهيد داخل سيارة متفجرة ومحترقة، بعد دوى انفجار في بلدية بيتونيا الصناعية في مدينة رام الله وعلى بعد مئات الأمتار من المقر الرئيسي لجبريل الرجوب قائد جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية، وجهت الأجهزة الأمنية حينها أصابع الاتهام لحركة حماس، مؤكدةً أنها سعت لاغتيال الشهيد بتدبير منها، لكن والد الشهيد رد على إدعاءات السلطة بالقول: " تاريخ حركة حماس نظيف ولم تشُبْهُ الاغتيالات ، حيث لم يعرف عنها أنها قامت باغتيال أفرادها أو من غير أفرادها ، ونحن لم نسمع بالاغتيالات إلا بعد مجئ السلطة الفلسطينية "
وإثر تحقيق قامت به الحركة لعملية اغتيال الشهيد محيي الدين الشريف، تبين أن الأجهزة الأمنية وبشهادة الطبيب الذي عاين جسد الشهيد، قامت بتعذيب محيي الدين أثناء اعتقاله لدى جهاز الأمن الوقائي، بشكلٍ أفضى لاستشهاده تحت التعذيب، فما كان من الأجهزة الأمنية سوى أن فبركت عملية انفجار السيارة بعد أن وضعت جثته - رحمه الله- داخلها وهي عارية تماماً، لتتحول في غضون ذلك إلى كتلة من اللهب وبعد ذلك عاد رجال الأمن الوقائي إلى مقرهم وكأن شيئاً لم يكن .
رحل محيي الدين الشريف، وأكمل دربه مهندسون آخرون على نفس البوصلة وذات الدرب، وخاب المتاجرون بالوطن، وعاثت فيهم أحلامهم فساداً.