يوافق اليوم السابع والعشرين من شهر شباط/فبراير الذكرى السنوية الثامنة عشر لرحيل الاستشهادية دارين أبو عيشة، إحدى طالبات الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح الوطنية، حيث كانت دارين شعلة من النشاط تعمل بكل اخلاص والتزام حتى كانت قدوة لكل أقرانها وأخواتها في العمل الدعوي والميداني في الجامعة.
هي نموذج فريد للمرأة المؤمنة المسلمة المجاهدة التي باعت نفسها لله, وارتضت أن تجعل من جسدها جسرا لمواكب الشرفاء, ووقودا دفاعا عن للمقاومة الفلسطينية المتصاعدة ونارا ملتهبة للانتقام من أعداء الله والدين والإنسانية الذين بلغ منهم التطاول والعجرفة والاستكبار كل مبلغ،
فتخرج نساء فلسطين من جديد.. يفجرن نار الغضب والثأر ضد هذا العدو الغاصب، يعلّمن الدنيا أن شعب فلسطين لا يقبل الظلم ولا الانكسار أمام بطش الصهاينة وحقدهم الدفين، الشهيدة دارين, أخت فلسطينية كباقي الأخوات الفلسطينيات تمرغت أيامها بالحزن والأسى, امرأة لم تعشق يوماً سوى الحرية و فلسطين, امرأة عاشت الآم شعبها ورأت بعيونها مآسي الاقصى الجريح، امرأة فلم يفتّ الصبر في عضدها، ويتوه بين أنفاسها الماضي، وما يخبئه المستقبل، ولم تنحنِ ولم تستسلم وظلت تحافظ على روحها الوثابة رغم كل العقبات والمفاهيم التي حاصرتها لم يثنها ذلك عن مواصلة دربها وأدركت بقلبها أنها لا تمتلك سوى إرادتها وإيمانها وعزة نفسها وجسدها الطاهر.
ويعتصر قلبها الحسرات، ليس خوفا على نفسها ولكن خوفا على شعبها، وقررت صب جام غضبها على الاحتلال .دارين ابو عيشة الاستشهادية التي تبلغ من العمر 22 عاما قد سطرت بدمائها الزكية الطاهرة الوفاء للمقاومة والشهداء والأسرى والجرحى والتمسك بالثوابت والحقوق لتخط بدمائها طريق العزة والكرامة .
الميلاد والنشأة
ولــدت الشهيدة داريــن محمد توفيق أبو عيشة بتاريخ 21/6/1980 في قرية بيت وزن قضاء نابلس ونشأت وترعرعت في عائلة من ثماني أخوات و شقيقين، عرف عنها التدين والالتزام غرست في قلب دارين حب الوطن والدين حتى اضحى شعارا سارت عليه لتصل الى مرادها الاكبر، تقول والدة الشهيدة "انها كانت شديدة الحرص على القيام وقراءة القران حتى انها كانت تتمنى الشهادة في صلاتها فكانت امنية حرصت ان تنالها بكل فخر"، وفي مدارس مدينة نابلس تنقلت دارين تعليمها حتى انهت الدراسة الثانوية بمعدل ممتاز اهلها لتنتقل الى صفوف طلبة جامعة النجاح وتحديدا في قسم اللغة الانجليزية.
ومع بداية دخولها الجامعة انتظمت دارين في صفوف طالبات الكتلة الإسلامية، كانت دارين شعلة من النشاط تعمل بكل اخلاص والتزام حتى كانت قدوة لكل اقرانها واخواتها في العمل الدعوي والميداني في الجامعة.
وفي خضم انتفاضة الاقصى كانت دارين تحترق الماً على مصاب شعبها فلمينقطع حديثها عن الشهادة والشهداء، حتى كانت كثيرة المشاركة في تشييع جثامين الشهداء والمشاركة في المسيرات التي زادتها تصميما على ان تجعل من جسدها شظايا لتحرق الاحتلال.
موعد مع الشهادة
في يوم 27-2 -2002 انطلقت دارين الى هدفها تحمل حزاما ناسفا حول جسدها الطاهر، سارت بخطى الواثق العاشق للجنان لم تنظر خلفها ولم تكترث بهذه الدنيا فهناك ما ينتظرها ويستحق ان تعجل اليه, ساعات قليلة حتى تحدث الانباء عن عملية استشهادية أمام حاجز بيت سيرا العسكري، لترتقي شهيدة وتوقع القتلى والجرحى في صفوف الصهاينة.
تقول والدتها : "لقد ذهبت و لم تودعني .. لكنني لم ألاحظ عليها أي تصرف غير عادي، و إن كل ما أذكره منها أنها عندما دخلت البيت ظهر يوم الأربعاء قالت : "الله يا أمي ما أحلى طبيخك، و ما أطيب رائحته" .
وتشير الأم إلى أنها لاحظت في الليلة التي سبقت استشهاد دارين إكثارها من قيام الليل و قراءة القرآن حتى بزوغ الفجر، و تضيف قائلة : "رغم أن دارين كانت متدينة جدا، و لا تنقطع عن قراءة القرآن والصيام والقيام فإنها زادت من ذلك في الليلة التي سبقت استشهادها، ولقد خرجت من البيت و لم تودعني و كانت يومها صائمة" .
وتضيف شقيقتها قائلة :"عندما خرجت دارين من البيت قالت : (أنا ذاهبة لشراء كتاب)، ثم عادت بعد عدة ساعات، و بعدها خرجت، و لم نعرف إلى أين"، و تضيف أنها "في الساعة العاشرة مساء الأربعاء اتصلت عبر الهاتف، و قالت : "لا تقلقوا عليَّ، سأعود - إن شاء الله - لا تخافوا وتوكلوا على الله و في الصباح سأكون عندكم"، و كانت هذه آخر كلمات سمعتها منها، و سمعتها والدتي أيضا".