من بلدة بيت وزن القريبة من مدينة نابلس خرجت الاستشهادية دارين أبو عيشة، في أوج انتفاضة الأقصى لتسدد ضربةً للكيان الصهيوني، تجعله يدفع الثمن غالياً عن جرائمه بحق الفلسطينيين.
حين كانت دارين في الثانية والعشرين من العمر قررت أن تساهم في انتفاضة الأقصى بطريقتها الخاصة، وأن تكون جزءاً من ظاهرة الفدائيات الفلسطينيات.
في حياتها الجامعية عُرفت دارين بنشاطها في صفوف الكتلة الإسلامية، وبرزت في العمل الإسلامي الطلابي في كلية اللغة الإنجليزية التي تدرس بها، وحاولت جاهدة القيام بعمليتها الاستشهادية عن طريق كتائب الشهيد عز الدين القسام، لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل، حيث تذكر أختها أنها حين سعت لذلك كان الجواب هو أن تجنيد النساء ممنوع حتى يفنى جميع الرجال، فما دام الرجل ينوب عن المرأة في الجهاد فهو كافٍ.
رغم ذلك لم تهدأ نفس دارين، فتواصلت مع فصائل فلسطينية أخرى، مثل كتائب شهداء الأقصى وسرايا القدس، واستطاعت إقناعهم بقدرتها على تنفيذ عمليةٍ استشهادية.
انطلقت دارين من نابلس نحو أحد الحواجز الاحتلالية بين القدس وتل أبيب، حاجز مكابيم، وذلك بتاريخ السابع والعشرين من فبراير 2002، وفجرت نفسها لتستشهد وتوقع الجرحى والقتلى في صفوف العدو الصهيوني.
لاحقاً نُشرت وصية دارين ابنة جامعة النجاح الوطنية، خلفها كانت راية شهداء الأقصى وعلى رأسها عصبة خضراء كتب عليها "كتائب عز الدين القسام"، وبهذه الوحدة الوطنية اعتبرت دارين ابنة الفصائل كافة، فنعتها فتح كما نعتها الجهاد كما نعاها إخواتها في الكتلة الإسلامية بجامعة النجاح الوطنية.
تقول والدتها "لقد كان قلبي يحدثني أن دارين ستستشهد لأنها كانت تقول لي دوماً: إدعي لي يا أمي أن أكون شهيدة في سبيل الله حتى أنال الجنة وتكوني معي بإذن الله.
وتُكمل والدتها : " اندفعت دارين نحو الوطنية أكثر ، وبطريقةٍ لا حدود لها ، وذلك عندما كانت ترى إمرأة تَلدُ على الحاجز ، وشبابٌ يُعذبون ويُهانون أمام الجميع ، وآخرون يستشهدون ويعتقلون ، فكانت في طعامها لا تطمئن ، وفي دراستها كذلك " .
وتذكُرُ والدتها بأن ابنتها كانت تأتي منفعلةً من الخارج ، وكانت دارين تقول : " لمتى رح نضل ساكتين ، ولمتى رح نضل قاعدين في الدار ؟ " ، ويكون رد والدتها : " شو قادرين نعمل ؟ ، إيدينا فاضية ، وصدورنا عريانة ، وأنا تعبت وربيتكم حتى وصلتوا لهون ، وما بهون علي أخسر حد فيكم " ، ودارين تُحدثها بِقهر : " لازم نعمل أي شي ، شبابنا بتخلص واحنا قاعدين بنتفرج عليهم ، وكل بيت بفلسطين بدو يدفع ثمن ، وبيتنا هاد بدو يدفع الثمن " ، وتُضيف دارين في قولها : " كل الأمهات يلي راحوا أولادهم ، تعبوا وربوا ، وأنا ما رح أعمل شي ، لأنو إزا بدي أنزل رح أنزل مع حماس أو الجهاد الإسلامي ، وهدول بنزلوش ... انتي ليش خايفة علي ؟ " .
وتُبين والدة دارين : " بأنها كانت تشعر بالإطمئنان ، وأحياناً أُخرى تشعر بالخوف بسبب انفعال دارين الشديد تجاه ما يحدث " .
وتُوضح والدة أبوعيشة بأنها كانت تطلب من دارين عدم الخروج والمشاركة في الجنازات والمسيرات ، بالرغم من أن والدتها تُشارك دوماً في الفعاليات بأنواعها ، إلا أن دارين كانت ترفض وتقول : " كل صاحباتي نازلين عالجنازة وأنا بدي أنزل معهم " .
بعد عمليتها الاستشهادية داهم الاحتلال منزل عائلتها وقام بهدمه، وتُشير والدة دارين بأن هُناك محامي خاص يقف من أجل تسليم رفات الشهداء ، ومن بينهم رفات ابنتنا دارين أبوعيشة التي أُستشهدت من العام 2002م ، ويُؤكد المحامي بأن ملف ابنتهم عالق لدى محكمة الإحتلال .