سريعًا رحل..ووري الثرى سريعًا جدًا كي لا يتخطف الغاصبون من جثمانه العطر، ليغدو شهيدًا للأقصى وليدفن خفية.. فبعد أقل من ساعة على ارتقائه شهيدا، شُيع جثمان محمد بعد أن هُرب جثمانه من على أسوار مستشفى المقاصد الواقع في بلدة الطور، خشية احتجازه من قبل سلطات الاحتلال التي طوقت المشفى واقتحمت قسم الطوارئ، ليوارى الثرى دون أن تستطيع والدته أن تقبله وتحتضنه لآخر مرة.
الشهيد محمد حسن أبو غنام (21 عاماً) كان يرابط منذ أسبوع مع والديه على أبواب الأقصى كغيره من المقدسيين، رفضا للبوابات الالكترونية التي ثبتت على مداخله، كان يخرج ويصلي على أبواب الأقصى بعد انتهاء عمله يوميا الى جانب مئات المقدسيين الذين رابطوا طوال هذا الأسبوع.
والدة الشهيد سوزان ابو غنام التي لم تودعه تؤكد ان دم محمد لن يكون أغلى من الأقصى الذي يتعرض يوميا للاعتداءات والاقتحامات وأخيرا بوابات الكترونية .
وقالت سوزان ابو غنام :"يوم الجمعة افاق من نومه حوالي الساعة الـ11 ، خرجت أنا وأديت الصلاة عند باب الاسباط، حيث جهز نفسه، وبعد انتهاء الصلاة عدت الى البيت، وبعد عدة دقائق سمعت اصوات طلقات كثيفة للرصاص حيث اتصلت بشقيقتي لسؤالها عن الأحداث في القرية فخلال دقائق سمعت صراخهم وهم يقولون بأن محمد حسن استشهد"، وتؤكد والدة محمد بأنه "مش خسارة بالاقصى ونحن فداء للاقصى".
وأضافت :"البوابات زائلة وسندخل الاقصى عبر البوابات التاريخية ونحن نكبر وسوف أخرج للمرابطة وسأكمل مشواري".
وقالت :"لم اودع وأحتضن محمد رغم انني كنت اريد ذلك بشدة لكن الاحتلال حاول احتجاز جثمانه فضطر الاهالي الى اختطافه من المشفى ودفنه على الفور".
حسن أبو غنام شاهد نجله للمرة الأخيرة بعد صلاة الجمعة في حي وادي الجوز وقال له "ماشاء الله عريس"، كان يتمنى الشهادة وقد نالها.
وقال : ان محمد كان يرابط في الاقصى معه ومع والدته، ولم يمنعه يوما من المرابطة رغم الملاحقات بالقمع والاعتقالات وقد نال الشهادة من أجل الأقصى.
وأضاف :"اتصلوا علينا واخبروني باصابته فذهبت الى مستشفى المقاصد، وعندما وصلت قالوا لي بأنه لا يزال بالعمليات ثم أخبروني باستشهاده".
واشار الى ان قوات الاحتلال حاولت عدة مرات اقتحام المستشفى من أجل اختطاف جثمانه، وقال :"الحمد لله تمكنا من دفنه وهذا نصيبه.. كان كل جسمه مغطى بالدم لأنه اصابته كانت في صدره .
الشهيد محمد أبو غنام كان في السنة الثانية بجامعة بير زيت تخصص علم حاسوب، وكان متميزا باخلاقه وأدبه ودينه وتفوقه وحبه للأقصى.
كتلة بيرزيت التي حافظت على وفائها لابنها البار واظبت على إحياء ذكرى استشهاده مثنية على ما عرفته به من خلق ودين وأدبٍ جم، فهو الشهيد حافظ القرآن، ومؤذن مسجد الحي، وهو الساعي طلب الشهادة حتى نالها ، والمرابط في المسجد الأقصى مع كل انتهاك يتعرض له، لا يشغله عن الذود عنه شاغل.
وخلال دراسته الجامعية انتظم محمد في صفوف الوفاء الإسلامية، وبرز كأحد نشطائها وأبرز طلبتها، وكان أكثر ما يميزه مواظبته على الصلاة في المسجد الأقصى حتى استشهد في باحاته.