في الانتفاضة الأولى والثانية عُرفت جامعة النجاح الوطنية بدورها المقاوم وبرزت كحاضنةٍ وولادة للشهداء والقادة والاستشهاديين، فمنها خرج أكثر من 40 شهيدًا فلسطينيًا، يتجاوز شهداء الكتلة الإسلامية النصف منهم، بعضهم هرول إلى الشهادة فمضى استشهاديًا، وآخرون مضوا بعد اشتباك أو اغتيال من قبل الاحتلال.
روافد الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح لا تقف عند الشهداء فقط، بل إن عديدًا من الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال من أبنائها، بعضهم أمضى ما يزيد عن العقد، وآخرون تتجاوز أحكامهم المؤبدات، وجميعهم بوصلتهم واحدة وعنوانهم المقاومة.
المقاومة شعار الكتلة الإسلامية وعنوانها في جامعات الضفة الغربية ومنها جامعة النجاح الوطنية، التي أسس كتلتها الشيخ المفكر جمال منصور، فلطالما شهدت له سجون الاحتلال والسلطة بصلابة همته وعزيمته التي تلين، حتى اختارته الشهادة ليكون على رأس سبعة شهداء معهم رفيقه الشيخ جمال اسليم، والصحفي محمد البيشاوي، وعثمان قطناني.
وفي صفوف قادة المقاومة والعمل الفدائي كان المهندس قيس عدوان، ومهند الطاهر، وأمجد حناوي، وإحسان شواهنة ونشأت جبارة، ومحمد الحنبلي، وجميعهم قضوا بعد سلسلة عملياتٍ فدائية وأفواجٍ من الاستشهاديين كان لهم أن يودعوهم نحو الشهادة ليلحقوا بهم بعد حين، مسطرين بذلك حكايات المقاومة وتقريع العدو حتى النفس الأخير.
وفي كتابها الخاص بالحركة الطلابية الإسلامية في فلسطين، تشير الباحثة دلال باجس إلى أن الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح الوطنية قدمت النسبة الأكبر من الاستشهاديين خلال انتفاضة الأقصى، فمن ضمن 21 استشهاديًا كان للكتلة 14 طالبًا.
من هؤلاء الاستشهاديين نذكر زكريا الكيلاني، وطالب هرماس، وهاشم النجار، وحامد أبو حجلة، وعاصم ريحان، ومؤيد صلاح الدين وضياء ديمياطي ومحمد بسطامي.
وأمام كل شهيدٍ كان للكتلة الإسلامية أن تعاود وقفتها وتسترد قوتها من جديد، لتؤكد مرارًا أن تجددها جزء من رسالتها وأهدافها، حتى لو اضطرها ذلك لتقديم التضحيات من دم أبنائها.
هذه الكتلة كان من أبنائها الشهيد أحمد مرشود الذي مثل بوصلة المقاومة وربط ما بين الشمال والجنوب في تكتيكات المقاومة، والشهيدة ريهام دوابشة التي ذهبت ضحية اعتداءات المستوطنين على بيتها وأطفالها لتذهب هي وزوجها وطفلها الرضيع علي ضحية لفلسطينيتها وبقائها على هذه الأرض.
سجل شهداء الكتلة الإسلامية يطول، كان آخرهم الشهيدان حسن قطناني و معاذ معصري اللذان استشهدا قبل أيام بعد تنفيذهما عملية بطولية في الأغوار دفعت الاحتلال لملاحقتهما منذ ما يزيد عن الشهر حتى اغتالهما بعد مقاومةٍ باسلة في البلدة القديمة بمدينة نابلس.
من أقطاب الشهداء وأعلامهم مازن فقها، الذي خرج من سجون الاحتلال في صفقة وفاء الأحرار ليواصل عمله المقاوم من أرض قطاع غزة حتى ارتقى شهيدًا بعد اغتياله من قبل أعوان المحتل وجواسيسه.
كتلة جامعة النجاح أيضًا لا تنسى ابنها حافظ القرآن الكريم شهيد النخوة والدفاع عن أخواته، الشهيد محمد عبد الرحيم رداد، الذي ما زال جرحًا غائرًا في قلب النجاح حتى اليوم، ليحكي نهاية سنواتٍ ذهبية كان للنجاح فيها أن تحتضن العمل المقاوم وترفع الشهداء وعائلاتهم قبل أن تحكمها القبضة الأمنية ويغيب عنها العمل النقابي.
هم غيض من فيض، هم سحاب مثقلة بالخيرات والمقاومة والفداء لشعبنا، هم ابناء الكتلة وبناتها، الذين بقي إيمان الكتلة الإسلامية قادتها وكوادرها وكل محبوها بشعارهم الذي رفعوه دوما "علم ومقاومة وإبداع"، فكانوا نعم المعلمين ونعم المقاومين ونعم المبدعين في مقاومته وجهادهم واستشهادهم
ورغم ارتقاء خيرة قادتها شهداء، إلا أن الكتلة الإسلامية لم تعرف الكلل أو الملل ولم تردعها جرائم الاحتلال ومحاولاته المستميتة لثنيهم عن إكمال مشوار خدمة جموع طلبة النجاح، رغم حملات الاعتقال المسعورة المتواصلة ضدهم في كافة محافظات الضفة الغربية.