تعود لنا الذكرى الثامنة لأيام البطولة والعز، للإنجاز المقاوم الذي أيقظ الضفة من تحت الرماد، وأعاد للمقاومة مجدها، عملية بطولية توقف عندها الكثير من المحللون والخبراء مطولاً في الابعاد والاهداف وروا بها تحولاً استراتيجياً في العمل المقاوم بالضفة الغربية في قدرة بارعة على أسر المستوطنين والاحتفاظ بجثث وربما مقدمة لعمليات تقوم لتغير أخر بالضفة يكون عنوانها الاسرى كما طمح الشهيدين عامر ابو عيشة ومروان القواسمي.
ولد مروان القواسمي في العام 1985م، ونشأ بين أحضان عائلة مجاهدةٍ، ملتزمة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، فكان محافظًا على الصلاة في المسجد، كما كان بارًا بوالديه حنونًا عليهما.
اعتقل في سجون الاحتلال 5 مرات، حيث كان أول اعتقال له وهو في سن 18 عامًا، قضى بالسجن حينها 20 شهرًا، كما ذاق القواسمي من مرارة الاعتقال الإداري أكثر من مرة.
تلقى مروان القواسمي تعليمه في مدارس مدينة خليل القسام، وخلال دراسته، كان مثالًا يحتذى به، في الالتزام والانضباط، فنال احترام زملائه ومعلميه، وأصدقائه، وكان خلال مراحله الدراسية، يدعو إلى الخير والدعوة إلى الله، وحماية الأوطان من أرباب الطغيان.
كان مروان من نشطاء الكتلة الإسلامية في جامعة الخليل، وقد تخرج كلية الشريعة منها، بينما عرفت عائلته بتاريخها الناصع بالتضحية والفداء والجهاد في سبيل الله.
تميز شهيدنا رحمه الله بأخلاقه الحسنة وصدقه والتزامه في المسجد، كما أنه كان حريصا للدعوة للجهاد في سبيل الله، وانضم لصفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس في سن مبكرة من عمره، ليتقدم الصفوف، وهو يتمنّى الشهادة في سبيل اللهِ تعالى، حاملًا هم وطنه ودينه، فحقق أمنيته بالانضمام إلى صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع المسلح لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في سن مبكرة من عمره، فتدرب بين بيارات الضفة على السلاح بمختلف أشكاله لليوم الموعود.
ربما كان تاريخ 12 يونيو/حزيران 2014 هو الأكثر شهرة بين أبناء الضفة الغربية خاصة، وأما فلسطين عمومًا، حول ما عُرف بعملية أسر الجنود الصهاينة الثلاثة في الخليل، إلا أن ذاك التاريخ لم يكن سوى الحصاد لكل ما عمل القواسمي وأبو عيشة على الإعداد له خلال الفترة التي سبقته.
ففي ذاك التاريخ أُعلن اختفاء الجنود الصهاينة الثلاثة، وهو ما أدخل الكيان الصهيوني في حالة من الهستيريا الأمنية والعسكرية، فراح يترنح يُمنة ويُسرة من قوة الصفعة التي تلقاها من كتائب القسام والشهيدين البطلين القواسمي وأبو عيشة.
أما في مساء الإثنين 30 يوينو/حزيران من ذات العام، فتم العثور على جثث الجنود الثلاثة بعد 18 يومًا من البحث الصهيوني المتواصل، حيث وُجدوا في مغارة قرب بلدة حلحول شمالي الخليل.
فبعد تلك الأيام الطويلة من البحث والتي لم يترك فيها الاحتلال مكانًا إلا وبحث فيه، اعتقل خلالها 773 مواطنًا في الضفة وداهم مئات المنازل، كان الشهيدان قد وضعا جثث الجنود المقتولين في بئر قريب من مكان تنفيذ عملتيهما البطولية.
وبتاريخ 23-9-2014م، وعند الساعة الثالثة فجرًا، حاصرت قوات الاحتلال منزلًا، قرب مسجد الرباط في حي الجامعة بمدينة الخليل، تحصن فيه الشهيدان، وشرعت بإطلاق رصاص كثيف في الحي وأجرت عمليات تفجير في المكان قبل مطالبة قاطني المنزل بالخروج وتسليم أنفسهم للقوات.
وبعد ساعات من إطلاق النار المتبادل، قصفت قوات الاحتلال المبنى بالقنابل الحارقة والفراغية، وأعلنت عن تمكنها من اغتيال المطاردين عامر أبو عيشة، ومروان القواسمي، في عملية شارك فيها أكثر من 100 جندي إسرائيلي، مدعومين بطائرات استطلاع.
وكانت مدينة الخليل قد خرجت في جنازة شاركت فيها جموع غفيرة، من مسجد الحسين بن علي في قلب الخليل باتجاه مقبرة الشهداء في حارة الشيخ، وسط هتافات داعمة للمقاومة ومطالبة بالرد على اغتيالهم ورفضًا للتنسيق الأمني.