من أمام أبواب الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية، تلمح شبابًا وشاباتٍ يقفن باستعدادٍ لمساعدة كل طالبٍ جديد تبدو الحيرة واضحةً في عينيه وملامحه.
مسلحين بالمعرفة والرغبة بالمساعدة والإرشاد؛ تستعد لجان الكتلة الإسلامية في الجامعات قبيل الفصل الأكاديمي الأول لإرشاد خريجي الثانوية العامة والطلبة الجدد، للتعرف على التخصص الذي يرون فيه مستقبلهم.
فأمام ازدياد عدد التخصصات والكليات، واتجاهات سوق العمل الحديثة التي تختلف ما بين عامٍ وآخر، خاصةً مع تحديات الحياة وتضاءل فرص إثبات الذات، يغدو خيار تحديد بوصلة المستقبل لطالبٍ خرج لتوه من فوهة امتحان الثانوية العامة صعبًا بل ومربكًا، هذا الارتباك هو ما اعتادت الكتلة الإسلامية التعامل معه، حيث يملك نشطاؤها مختلف البيانات الخاصة بالقبول والتسجيل لكل تخصص وكلية، من معدل قبول، لمتطلبات تخصص، لأسعار الساعة الدراسية، ولمجالات التخصص في سوق العمل وتحدياته، كما يوفرون للطالب وبالتعاون مع عددٍ من محاضري الجامعات وأكاديميها إمكانية التحدث مع المحاضر واستطلاع رأيه في خيار الطالب.
في جامعة النجاح تتوزع طالبات الإرشاد أمام مختلف الكليات في الحرمين القديم والجديد، وفي كلية هشام حجاوي التقنية هناك لجان إرشادٍ أيضًا تقف مع الطالب من بوابة الجامعة، مرورًا بالتسجيل وإعلان القبول، وحتى امتحانات المواد الإجبارية في الجامعة، والتعرف على قاعات المواد، وأبرز الأساتذة المحاضرين.
الأنشطة لم تتوقف عند حدود ما يجري داخل الجامعة، بل تتجاوز ذلك لتعكس ما يجري في الساحة الفلسطينية حيث يتم توزيع البطاقات الدعوية على الطالب، والتمر والقهوة إكرامًا لأرواح الشهداء، بالإضافة للهدايا الرمزية، وافتتحت الكتلة الإسلامية في النجاح صفحة إرشادٍ لها، تتيح للطالب التواصل الالكتروني للاستفسار، خاصةً مع ما يتطلبه الأمر من مشقة الحضور إلى الجامعة للحصول على إجابات لتساؤلات طالبٍ جديد، وتتميز الصفحة وفقًا لتقييم الفيسبوك باستجابتها السريعة للرسائل الخاصة.
مجلس طلبة جامعة بيرزيت الذي تقوده الكتلة الإسلامية بالتكامل مع الكتل الطلابية الأخرى يقدم خدمة الإرشاد السنوي أيضًا لطلبته، هذا العام مع امتياز سمعة الجامعة وديمقراطيتها وكفاءة طلبتها، ورغم ارتفاع معدلات القبول في الجامعة مقارنةً بالجامعات الفلسطينية الأخرى إلا أنها ما تزال حلمًا يراود كل خريجٍ للثانوية العامة يتمنى الالتحاق بها.
كتلة الوفاء لم تخصص زاويةً بعينها لاستقبال الطلبة الجدد وإرشادهم وإنما كانت بانتظارهم أمام بوابات الجامعة، لاصطحابهم بجولات في الكليات التي يرغبون بالدراسة فيها، بالمقابل خصصت الكتلة زاوية لتصوير الطلبة في يومهم الأول حملت عنوان "أول ذكرى في بيرزيت"، كما أطلقت صفحةً خاصةً بالإرشاد الأكاديمي للطلبة، ونشرت فيديوهات تفصيلية للتخصصات ومتطلباتها، ومجالها في سوق العمل.
جامعة البولتكنيك هذا العام خصصت أيامًا إرشادية موزعة خلال الفصل الصيفي، كما نظمت في اليوم الذي تلا إعلان نتائج الثانوية العامة استقبالًا للطلبة الجدد، شمل توزيع الحلوى احتفاءً بهم والهدايا والكتيبات الإرشادية، ولكل يومٍ من أيام التسجيل والإرشاد السنوي كان له مسابقته الخاصة، وجوائزه المميزة التي أبهرت الطلبة الجدد، كما زينت كتلة البولتكنيك أسوار جامعتها بالأخضر من راياتها، تأكيدًا لوجودها كعضوٍ فاعلٍ في الجسم الطلابي النقابي للجامعة.
افتراضيًا كذلك واصلت الكتلة الإسلامية في جامعة البولتكنيك حضورها، فكان لها صفحتها الخاصة بالإرشاد، ونشرها المتزامن للفيديوهات والمقالات الإرشادية، لتعزيز تواصلها مع الطلبة، ناهيك عن تزويدهم بمعايير القبول للتخصصات، وأبرز إعلانات عمادة القبول والتسجيل وشؤون الطلبة بخصوص الساعات الأكاديمية.
وفي خليل الرحمن توزعت زوايا الإرشاد والتسجيل للكتلة الإسلامية في أروقة الجامعة، حيث بدأت الكتلة عهدها مع طلبتها بالحلوى الشرقية عنوانًا لحياة أكاديمية مفعمة بالسكر والقشطة، وقدمت لهم هدايا الكتلة الإسلامية المميزة بحقائبها اللطيفة وشعارها المحبب، وإبان العدوان الصهيوني على الفلسطيني في غزة وجنين ونابلس بادرت كتلة الخليل بتوزيع القهوة والتمر، وتذكارات المقاومة على طلبتها وزوارها.
وفي رد فعلهم على زوايا الإرشاد في جامعة الخليل عبر الزائرون وخريجو الثانوية العامة عن فرحتهم بتواجد الأخضر في ساحات الجامعة، خاصةً مع الحملات الشرسة التي يتعرض لها طلبته من قبل السلطة وأعوانها، حيث حظيت زوايا الكتلة باستقطاب الطلبة واهتمامهم.
ومن جامعة الإبداع، القدس أبو ديس، التي تثبت بها الكتلة الإسلامية يومًا بعد الآخر أنها عين الجامعة وبوصلتها، نُظمت الأيام الإرشادية بتزامنٍ مع نتائج الثانوية العامة، ولكل يومٍ نشاطه وزاويته ومفاجأته المميزة، وما بين الشباب والشابات تقاسم نشطاء الكتلة الإسلامية أدوار الإرشاد والمساعدة للطلبة الجدد، وحفلت الزوايا التذكارات والهدايا ولحظات التصوير الإبداعية.
ومنذ حرب 2021، وتحديات الرباط في المسجد الأقصى ما بين الفلسطيني والغاصب تثبت كتلة القدس تحديًا بعث فيها الروح والنشاط، حيث انتقلت أنشطتها الدعوية والطلابية بالتناوب ما بين الحرم الجامعي والحرم القدسي، ونشطت دماءُ جديدةٌ فيها بعد سلسلة أنشطة جمعتها بالكتلة الإسلامية في جامعات الضفة الغربية عنوانها الرباط في المسجد الأقصى، لتكون هذه الكتلة قبلةً للشباب الفلسطيني الذي رأى فيها ارتباطًا لمفاهيم العلم والمقاومة والإبداع، ما انعكس على إقبال الطلبة الكثيف على التسجيل من خلالها هذا العام، ودفع نشطائها لإبداع أشكالٍ جديدة من التواصل مع الطالب وخدمته ودعمه في مسيرته الأكاديمية.
المتابع لنشاط الكتلة الإسلامية في جامعات الضفة الغربية يدرك جيدًا أن الإرشاد السنوي هو حلقةٌ في سلسلة نشاطاتها، لكنه بداية السلسلة بالنسبة لخريج الثانوية العامة والطلبة الجدد، وهو هذا العام إثباتٌ متجدد أن التحديات تصنع الكتلة الإسلامية وتقويها وتقومها، فالكتلة الإسلامية في جامعة النجاح هذا العام ليست ذاتها العام المنصرم، والأمر كذلك ينطبق على الكتلة الإسلامية في جامعات القدس والخليل والبولتكنيك، التي تسير جميعها على خطى كتلة الوفاء الإسلامية في جامعة بيرزيت، لتكون مع الطالب من التسجيل وحتى التخرج، في الجامعة وفي الميدان، وليكون التحدي والإقصاء ومحاولة إخماد أوارها هو وقودها الدائم لهذه المرحلة، ولكل مرحلة.