ريهام دوابشة..حكاية الشعب الفلسطيني في أمٍ وعائلة

في اليوم الذي أكملت فيه ريهام تمام السابعة والعشرين من عمرها، فارقت الحياة، في السابع من سبتمبر من عام 2015، فارقتها بصخبٍ لا يشابه الحياة الهادئة الوديعة التي أرادتها وعاشتها، فلقد كان هذا الفراق نتيجة اعتداء عصابات المستوطنين على منزلها ليلاً، وإلقاء المواد الحارقة عليه، ما أدى إلى اشتعال النار فيه، واستشهاد صغيرها الرضيع علي، وزوجها سعد، وإصابة جسدها بحروقٍ التهمت أكثر من 90% منه، إضافةً إلى إصابة صغيرها أحمد بجروح وحروق خطيرة في الوجه والصدر واليدين.

عام 1988 ولدت ريهام حسين حسن في بلدة دوما القريبة من نابلس، لعائلة معروفة وممتدة الجذور، درست في مدارس البلدة حتى أنهت الثانوية العامة بمعدل 87% ثم التحقت بجامعة النجاح الوطنية ودرست تخصص الرياضيات، وخلال فترة دراستها نشطت في صفوف الكتلة الإسلامية، فكانت من ضمن الطالبات الفاعلات في صفوف الكتلة حتى تخرجها.

تخرجت ريهام بمعدل تراكمي بلغ 83%، أهلها لتنتظم بشكلٍ سريعٍ في سلك التعليم، فعملت معلمة في مدرسة دوما الأساسية التي أصبح اسمها بعد استشهاد ابنها "مدرسة الشهيد علي دوابشة"، ثم انتقلت للعمل في مدرسة جوريش المختلطة في البلدة المجاورة لدوما، والتي أصبح اسمها بعد استشهادها "مدرسة الشهيدة ريهام دوابشة"، حيث عملت هناك في تدريس مواد الرياضيات للصفوف السابع والثامن والحادي عشر وصفوف الثانوية العامة.

تميزت ريهام بإخلاصها الشديد، فكانت حريصة على طلبتها بدرجةٍ كبيرة، تستغل الحصة حتى دقائقها الأخيرة، وتحتفظ بعلاقة طيبة مع زميلاتها وصديقاتها المعلمات، الأمر الذي دفعهن لترك مقعدها فارغاً لما يزيد عن عامٍ كامل بعد استشهادها.

تزوجت ريهام من ابن عمها سعد في الثامن من آب 2009، وهو التاريخ الذي استشهد فيه سعد بعد ست سنوات، أنجبت رهام طفلين، أحمد وبلغ عمره خمسة سنوات حين استشهدت والدته، وعلي الذي استشهد ولما يبلغ السنتين من عمره.

بتاريخ الثاني من آب 2015 في الساعة الثانية وثلث بعد منتصف الليل سُمعت أًصوات صراخ من منزل سعد دوابشة في بلدة دوما، كانت عصابات تدفيع الثمن قد هاجمت المنزل وكسرت نوافذه والقت به مواد سريعة الاشتعال، ما أدى إلى اشتعال النار فيه بسرعة، ونتيجة لذلك استشهد علي الرضيع فوراً، ولحقه والده سعد بعده بأسبوع، وبعد 37 يوماً التحقت بهما ريهام التي ظلت طوال تلك الفترة في غيبوبة كاملة، حتى التحقت برفيق دربها، تاركةً خلفها بصمةً لا تُمحى للمعلمة المتفانية، المخلصة والخلوقة، ربة الأسرة الحنون، التي ما فتأ ابنها أحمد يشتاق لها ويبكي لغيابها.

تذكر والدة ريهام أن شعارها بالحياة كان "الحياة مع الرسول..أحلى"، وهو الأمر الذي يهون على والدتها هذا الفراق الحزين، بعد استشهاد رهام انتقمت كتائب عز الدين القسام بعمليةٍ قسامية شجاعة، استهدفت حاخاماً صهيونياً فأردته قتيلاً، لعل بعضاً من دماء الصهاينة تطفئ لهيب ألم الفلسطينيين وأحزانهم.

كلمات مفتاحية :
مشاركة عبر :