يوافق اليوم ذكرى أليمة في تاريخ الجامعات الفلسطينية، حين انطلقت رصاصة غدر من يد أحد عناصر الأجهزة الأمنية في نابلس على رأس الطالب محمد رداد، ليرتقي شهيدا على أرض جامعة النجاح.
سيرة عطرة
ولد الشهيد محمد عبد الرحيم رداد يوم السبت الموافق 11 / 7 / 1987 م في المملكة العربية السعودية وترعرع في بيئة إسلامية وجو إيماني، بدأ محمد مشواره في حفظ القرآن الكريم في الصف الأول الابتدائي علي يد شيخ مصري في السعودية وأتم حفظه في الصف السادس، أكمل دراسته الأساسية حتى أنهى الصف الحادي عشر العلمي في ثانوية السليْل وكان ترتيبه في مدارسها دائما الأول.
بعدها، عاد محمد إلى بلدته صيدا شمال طولكرم في صيف 2004، ودرس التوجيهي العلمي في مدرسة دير الغصون الثانوية ونجح بمعدل أهله للالتحاق في كلية الهندسة بجامعة النجاح، لكن ونزولا عند رغبة والديه واقتناعه بحاجة البلد للعلم الشرعي انتقل إلى كلية الشريعة وكان طالباً متميزاً ومتفوقاً فيها.
إخلاصه ونشاطه الدعوي أهله ليكون له حضور بارز في فعاليات الكتلة الإسلامية في جامعته وكان أحد نشطائها الفاعلين المخلصين، وكذلك في بلدته صيدا، فانطلق محمد كالسهم في خدمة القرآن، فحصل على إجازة تجويد القرآن الكريم بتقدير ممتاز من وزارة الأوقاف، وكان الشهيد محمد إماماً وخطيباً في المسجد الجديد في صيدا ومدرساً لحلقات القران الكريم فيها، يؤم المصلين في مسجد الروضة في نابلس في صلاة التراويح فقد كان رحمه الله صاحب صوت ندي وجميل يقرأ القرآن وينشد النشيد الإسلامي الهادف.
الثلاثاء الدامي
ومما يذكر في أحداث يوم الثلاثاء أن عناصر من الأجهزة الأمنية ومن طلبة الجامعة المنتسبين لها اعتدوا على طالبات الكتلة الإسلامية فتصدى لهم الحافظ لكتاب الله محمد رداد مطالبًا بكف يدهم عن الطالبات، وهنا أطلق أحد أفراد الأجهزة الأمنية النار على الطالب في كلية الشريعة في جامعة النجاح والحافظ لكتاب الله محمد رداد.
وقد أفاد شهود عيان بأن عملية اغتيال الشهيد محمد رداد، كانت عملًا فرديًا بطبيعته من خلال إقدام شخصٍ بإطلاق النار عليه، ولكن الأحداث المتسلسلة تشير إلى تورط الأجهزة الأمنية وإدارة الجامعة والمتخاذلين في التضليل عن الحادث، لأن مصالح هؤلاء تقاطعت في تعطيل عمل الكتلة الإسلامية وحظرها.
وكانت إدارة الجامعة قد ادعت أن قتل رداد تم من شارع تل وليس من داخل جامعة النجاح، وقامت بتلفيق الاتهام للقوة التنفيذية بإطلاق النار على رأسه من بعد مئات الأمتار.
إحدى الطالبات اللواتي حضرن مشهد الإعدام قالت بأن آخر كلمات محمد لقاتله كانت "اتقِ الله، اعتبرهن مثل خواتك"، وتابعت "فقام القاتل بسحبه ومن ثم بضربه على رأسه وأطلق النار من مسافة صفر فارتقى شهيدا".
أما والد الشهيد الشيخ عبد الرحيم رداد، فقال " إن كل محاولات عائلته للوصول إلى الحقيقة باءت بالفشل، بسبب تدخل عناصر خارجية تمثلت في الضغط على محامين لعدم استلام القضية.
وأفاد والد الشهيد أنه تقدم بشكوى لجهاز الشرطة في نابلس، ولكن القضية قيضت ضد مجهول، ولم تجرِ أي محاولات حقيقية للوصول إلى القاتل من قبلهم، وبذلك تم إغلاقها.
وأضاف الشيخ رداد أن رئيس الجامعة تعرض لضغوط من قبل الأجهزة الأمنية لعدم كشف الحقيقة، متهمًا إياه بالتراجع خوفًا على مصالحه الشخصية المتمثلة بالحفاظ على كرسي الجامعة، وبأنه خيّر بين الكشف عن الجاني أو التضحية بمنصبه، ولكنه اختار البقاء في منصبه. وواصفًا إياه بـ"الألعوبة بيد أجهزة الأمن التي تملي عليه ما تشاء".
وقبل قرابة الأسبوع رفع والده قضية ضد جامعة النجاح، بخصوص مقتل ابنه داخل أسوار الجامعة، وذلك بعد أن سجلت القضية ضد مجهول منذ ذلك الحين.
وكانت النيابة العامة سجلت القضية ضد مجهول بعد أيام من مقتل محمد، على الرغم من إدلاء عدد من شهود العيان بإفادات تؤكد مشاهدتهم الجريمة ومرتكبيها، وفقًا لعبد الرحيم رداد، الذي قال إنه لم يكن باستطاعته رفع قضية في الفترة التي قتل فيها نجله، "بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية آنذاك، ولأنه لم يكن لدى أحد الجرأة على استلام القضية، كما أن الشهود الذين كانوا مستعدين للشهادة في ذلك الحين كانوا معرضين للتصفية كما حصل مع محمد" على حد قوله.