الرهان الآن على وعي طلبة النجاح..وإلا فأقرأ على النجاح السلام

 

 

يومٌ دامٍ مر على جامعة النجاح الوطنية وطلبتها، أعاد للذاكرة سنينًا مضت تركت خلفها جرحًا لم يندمل، وشهيدًا لم يُحاسب قاتله بعده، اعتداءٌ وشتائم، ضرب وسحلٌ، هراوات وعصي وفلفلٌ متطاير يُلقى في وجه الطلبة والطالبات على حدٍ سواء، وعبر مواقع السوشيال ميديا تنتقل الصورة واللحظة إلى كل مكانٍ في فلسطين، لتسجل سقوطًا مدويًا لجامعة عُرفت ذات يوم بجامعة الشهداء..جامعة الحصار والإنتصار.

اتحادات مجالس الطلبة والكتل الطلابية في الجامعات الفلسطينية تداعت لإصدار بيانات الاستنكار والإدانة لما جرى بالنجاح، فمن جامعة بيت لحم، وبيرزيت، والبولتكنيك، والقدس أبو ديس يطالب الجميع بتصويب المسار وإعادة الديمقراطية إلى حضن جامعة النجاح الوطنية، وعلى الأرض هناك المؤسسات الحقوقية وقيادات العمل الوطني وأحزاب وفصائل المقاومة الفلسطينية التي تدعو لمحاسبة المعتدين، من الجبهة الشعبية وحتى الجهاد الإسلامي فحركة حماس جميعها طالبت جامعة النجاح بتحمل مسؤوليتها.

أما الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح الوطنية فطالبت بصريح العبارة بإقالة رئيس الأمن الجامعي وفصل كل العناصر الذين شاركوا في قمع الطلبة والاعتداء عليهم، خلال الوقفة الطلابية عصر اليوم الثلاثاء، مدينة الاعتداء الهمجي على عضو الهيئة التدريسية د. ناصر الدين الشاعر ونطالب بمحاسبة المعتدين".

جامعة النجاح بدورها واصلت تجاهلها لما جرى في ساحاتها وما مس طلبتها وطالباتها من اعتداء، فأصدرت تعميمًا بتحويل الدوام يومي الأربعاء والخميس إلى دوامٍ الكتروني بدلًا من الدوام الوجاهي، وثانيًا أصدرت بيانًا حملت فيه الكتلة الإسلامية مسؤولية ما جرى، مشيرةً إلى أن ما جرى هو محاولةُ لاقتحام الجامعة من قبل مجموعةٍ خارجية والطلبة المفصولين تطورت لاحقًا إلى مشكلة.

تداعيات ما جرى لم تتوقف عند أبواب الجامعة، فبعد نقل عددٍ من الإصابات إلى مشافي المدينة شاركت الأجهزة الأمنية باعتداءاتها حين استهدفت الصحفي سامر خويرة بالضرب والتهديد متوعدة إياه بالرصاص، ولاحقت الصحفي ليث الجعار الذي كانت قد كسرت معداته الصحفية قبل يومين أمام مدخل جامعة النجاح الوطنية.

رد الفعل الرسمي للسلطة الفلسطينية تمثل بما قاله محافظ مدينة نابلس، حين نآى بنفسه عن كل ما يجري معتبرًا أنه "شأن داخلي ولن يتدخل به"، أما الإعلام الرسمي فقد بدأ متأخرًا بلملمة فضائح أمن جامعة النجاح الوطنية، حين اعتبر ما جرى عراكًا وألقى باللوم على الطلبة، مؤكدًا أن أمن الجامعة اضطر لاستخدام العنف لحماية الجامعة من عناصر حماس، فيما نقلت فيديوهات الحدث صورًا لشبابٍ أعزل وفتياتٍ خائفاتٍ مذعورات يتعرضن للشتم ورش الفلفل، وطلابٍ يهرعون نحو الأمن بينما يلاحقهم الرصاص في الشوارع المحاذية لأسوار الجامعة.

الحلول المطروحة لحل الأزمة المتفاقمة منذ ال 2007 محدودة للغاية، قد يبدو للبعض من السهولة بمكان إقناع الأجيال الشابة بعدم التسجيل في جامعة النجاح والانسحاب منها، لكن أمام الواقع الاقتصادي المتردي وقلة الخيارات المتاحة للدراسة الأكاديمية ذات الثمن المقبول يغدو الرهان على هذا الحل صعبًا، الحلول الأخرى تتعلق بواقعية الإدارة ورغبتها في تحسين صورتها أمام المجتمع الفلسطيني وهو ما لا يبدو متوقعًا من إدارةٍ يحكمها رامي الحمد الله أحد أبرز معززي الانقسام والقمع إبان رئاسته للوزراء، الحل الأخير هو الرهان على وعي الطلبة، وعلى تقديرهم لذواتهم واستحقاقهم العالي لمفهوم الديمقراطية في مسار حياتهم، وإن لم يقف في وجه إدارة الجامعة وأمنها الألوف من الطلبة فإن النجاح ستواصل سيرها الحثيث نحو الهاوية.

 

كلمات مفتاحية :
مشاركة عبر :