ظُهر يوم الثاني والعشرين من مارس آذار 2004، لفظ أبو حليمة أنفاسه الأخيرة بعد أن أطلق عليه جنود الاحتلال رصاصة متفجرةً واحدة بلا سابق إنذارٍ ولا مبرر، فارتقى شهيداً في عليائه، مقترناً بالشهيد أحمد ياسين في استشهاده.
ولد الصحفي محمد أبو حليمة في اليوم الذي استشهد فيه من العام 1983، وقد عُرفت أسرته التي سكنت مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس بالصلاح والتربية الحسنة، كما عُرف عنه الأدب والخلق الحسن. أتم تعليمه في مدارس وكالة الغوث في المخيم، ومنذ البداية حدد هدفه وقرر الالتحاق بقسم الصحافة في جامعة النجاح الوطنية.
لم ينتظر أبو حليمة انتهاء دراسته الجامعية ليلتحق بسوق العمل، بل كان متأهباً لنقل الحدث بالصوت والصورة والقلم أينما وقع، فعمل متدرباً في عدة مكاتب صحفية، حتى انتهى به المطاف في عمر الـ 21 وقبل تخرجه ليكون مراسلاً ميدانياً لإذاعة النجاح في مدينة نابلس.
يقول عنه أصدقائه وزملاؤه في قسم الصحافة بأنه كان شجاعاُ لا يهاب، متتبعاً للحقيقة لا يخفيها، ناقلاً للحدث لكل أهالي مدينة نابلس بالصوت وكأنما ينقله بأحاسيسه صورةً، مهذباً وخلوقاً وهادئاً، لم يُعرف عنه إيذاء الآخرين بقولٍ أو عمل، بل كان سعيه لتسليط الضوء على آلامهم يسيطر على اهتمامه.
خلال سني دراسته الجامعية، حرص محمد على دعم الكتلة الإسلامية، والمشاركة بأنشطتها بقوة وتفاعل، كما سعى من خلال علاقاته باللجنة الثقافية التي أشرفت عليها الكتلة الإسلامية في مجلس الطلبة، على تقديم خبرته ودعمه لطلبة الصحافة، وتوفير المزيد من الفعاليات الثقافية والتوعوية والميدانية لهم، بما يحقق لهم الريادة في نقل أحداث الانتفاضة المتسارعة.
قبل بضعة أيام من استشهاده كان أبو حليمة، طالب الصحافة في جامعة النجاح الوطنية، ومراسل إذاعة النجاح الميداني، يستعد للمشاركة في معرض للصور تنظمه الكلية وتعرض فيه إنجازات الطلبة وإبداعاتهم، وتسلط الضوء على شهداء قسم الصحافة في الجامعة، هذا المعرض الذي حمل اسم أبو حليمة وصورته لاحقاً، ليكون على رأس الشهداء الإعلاميين في مدينة نابلس.
رحل أبو حليمة ليكون الصحفي الرابع في دفعته الذي يرتقي شهيداً قبل أن يتخرج، سبقه هاشم النجار، ومحمد البيشاوي، وفادي علاونة، جميعهم كانوا يحلمون بالغد ويرسمون المستقبل بالقلم والصورة، لكن الاحتلال عاجلهم بالرصاص، وسرق أحلامهم وترك الحسرة في قلوب أحبائهم وأهاليهم وزملائهم حتى اليوم.