رغم سلسلة اعتقالاته الكثيرة ما بين سجون السلطة وسجون الاحتلال لم يستسلم الطالب إحسان شواهنة، واختتم حياته بالشكل الذي أراد وأحب، وأمام الجلد الذي أبداه بوجه الجلادين والمحققين كان إخماد عزيمته بالنسبة لهم هو الحلم، وبالنسبة له هو الشهادة التي يتوق إليها.
مما يذكره محامي احسان عنه أن ثباته بالتحقيق وإصراره على الجهاد دفع المحقق ليقول له: صحيح أني حاقد عليك ولكنك إنسان شريف جداً، أرجوك افعل ما شئت ولكن اترك العمل العسكري، فكان رد إحسان عليه: لو ملئتم بين الأرض والسماء لي ذهباً ما ثناني هذا برهة عن طريقي، وثباتي على الحق.
هذا الثبات كان ما ختم به إحسان حياته يوم الإثنين الثالث عشر من ديسمبر من عام 2004، حين تداول الإعلام خبر اغتيال ابن بلدة كفر ثلث المهندس إحسان شواهنة أو كما كان يلقب "أبو الفداء المقدسي".
بعد استشهاد إحسان بزغ للجميع نور أعماله المباركة، وقيادته لكتائب القسام في الضفة الغربية، وبراعته في صناعة المتفجرات، ناهيك عن شجاعته في مقاومة سلاح العدو حتى لحظة استشهاده.
إحسان الذي ولد في بلدة كفر ثلث وعرف بهدوئه وخجله في الصغر، والتزامه وتدينه في شبابه، ساقته إرادة الله للالتحاق بكلية الهندسة في جامعة النجاح، بينما أراد والده أن يدرس خارج فلسطين، اثناء دراسته التحق احسان بالكتلة الإسلامية وأضحى مسؤول اللجنة الاجتماعية في مجلس الطلبة، ولذا اعتقل لدى السلطة الفلسطينية، ومن ثم لدى الاحتلال، وفي كلا الحالتين كانت التهمة انتماؤه للكتلة الإسلامية.
تروي والدة إحسان عن حياته أنه كان منظماً، حنوناً مساعداً لها والوالده في كل شيء، حريصاً على دراسته وعلى خدمة إخوانه الطلبة، كما كان قيادياً حتى في سجنه، كثير المطالعة، صواماً قواماً، رغم ما لاقاه من تعذيب في السجن، حتى أنه فقد السمع في إحدى أذنيه من شدة التعذيب.
بعد اعتقاله الأخير، قرر إحسان ألا يعود للسجن أبداً، حينها كان قد أكمل الـ29 من العمر ولما يتخرج بعد، فيما استشهد أصدقاؤه مثل المهندس محمد الحنبلي وقيس عدوان.
في مساء الثاني عشر من ديسمبر 2004، حاصرت قوات الاحتلال إحدى البنايات في مدينة نابلس، وطلبت منه الاستسلام، رفض إحسان، وخاض اشتباكاً قوياً مع قوات الاحتلال استمر حتى السادسة والنصف من صباح اليوم التالي، حين دكت طائرات العدو المبنى الذي تحصن فيه بالصواريخ والمدافع.
رحل إحسان ابن جامعة النجاح، ناشط الكتلة الإسلامية وخبير المتفجرات، الصامد الذي لم يعترف، والصارم الذي اختار الشهادة بدلاً من السجن، والعذاب بدلاً من الاعتراف، وكان له ما أراد.