إن كان الشهيد أكرم الأطرش قد عُرف بشيء في حياته فهو أنه كان مبصر القلب والروح، حيياً خدوماً، ومجاهداً في ساحات الوغى، لذا فقد كانت شهادته مثالاً لحياته، إقبالاً دون إدبار، وعزماً دون تخاذل أو تقهقر.
ولد الشهيد أكرم في مدينة الخليل، عام 1973، لعائلةٍ مكونةٍ من ثمانية أفراد، وكان يكنى بين أحبائه بـ "أبي القسام"، كان ساعياً في خدمة الآخرين، من عرف منهم ومن لم يعرف، لم يمنعه غياب نور عينيه من أن يلتحف بنور المساجد، فعرف دروب مساجد الخليل مبكراً، وطلب الشهادة مبكراً ونالها كما أحب.
أتم تعليمه الابتدائي والثانوي في خليل الرحمن، ثم التحق بجامعة الخليل لدراسة الشريعة الإسلامية، وبعد التخرج عاد إليها لإكمال شهادة الماجستير في القضاء، وقد سبقت شهادة الرحمن شهادة الماجستير إلى روحه وعقله، وقد عُرف خلال دراسته بخجله وحيائه، وسعيه لخدمة إخوانه، كما اشتهر بصوته العذب في قراءة القرآن الكريم، وكان رائداً في إمامة الصفوف بمساجد مدينة الخليل.
رغم أن أكرم كان ضريراً فلم يمنعه ذلك من مقارعة المحتل، بل استمر في دروب الدعوة الإسلامية، وكان له السبق في إيواء مطاردي كتائب الشهيد عز الدين القسام، مما دفع الاحتلال لاعتقاله أكثر من ثلاث مرات، وبما مجموعه أربع سنوات، وعندما أفرج عنه أكمل درب المقاومة، فطارده الاحتلال لمدة عامين، دون جدوى، في تلك الفترة أتم أكرم حفظ القرآن الكريم.
شهادة أكرم لم تكن مفاجأة لأهله وعائلته، بل كانت ترسيخاً لتربية إيمانية عميقة حباه به والداه، وسانده فيها أهله وإخوانه، فأثناء مطاردته تعرض المنزل لمداهمات متكررة، وتم الاعتداء على والده وإخوانه بالضرب، وسرقة مبالغ مالية من العائلة، واعتقل إخوانه ومن بينهم أخوه يونس الذي تحدى المحقق أن ينزع اسمه منه، وإن كان من جميل صبرٍ فهو صبر والده، الذي أثنى على نعم الله وحمده وشكره على اصطفائه لأكرم شهيداً كما أحب وتمنى.
ومما يروى في استشهاد أكرم أن قوات الاحتلال اجتاحت مدينة دوراً وعاثت فيها فساداً وقصفت المنازل حتى وصلت لأكرم، فاقتادته أسيراً إلى منزل المجاهد فواز عمرو، الذي اعتقلته إثر مقاومته للإحتلال، ويقول شهود العيان أن قوات الإحتلال وضعت أكرم أمام منزل فواز عمرو ثم أطلقت عليه قذيفة دبابة، ارتقى على إثرها شهيداً، وبعد ذلك طلبت من بعض المواطنين الفلسطينيين سحب جسد أكرم الطاهر، ثم نسفت منزل المجاهد فواز عمرو.
وبعد استشهاد أكرم، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام أن أكرم الأطرش كان مسؤولاً في الكتائب لمنطقة جنوب الضفة الغربية، وذلك منذ كان في العشرين من عمره، مؤكدةً على دوره في إسناد إخوانه من مبعدي مرج الزهور، وفي إيواء المطاردين لما يزيد عن الثلاث سنوات، وفي المشاركة بالمناسبات والاحتفالات والأنشطة الخاصة بحركة حماس والكتلة الإسلامية.