قبل ما يناهز العام أدرك محبو الدكتور أكرم الخروبي أنه مصابٌ بمرض السرطان، وأن سنوات الاعتقال والمحنة قد أكلت من صحته وعافيته الكثير، كان الدكتور الخروبي يعاني بصمت حتى بدا صمته واضحاً على جسده، كما كان صمته واضح الأثر في خطواته الوئيدة بدرب الدعوة.
من لا يعرف الدكتور أكرم سيدرك الآن أنه الجندي المجهول لهذه الدعوة، يقول عنه سائد أبو البهاء في مقالٍ له نشره قبل عام: "الحديث عن شخص بحجم الدكتور أكرم فيه من الصعوبة الكثير ومنها أنه لا يحب الظهور ولا يحب أن يكتب عنه، والدكتور صاحب الظل الخفيف والإبتسامة الدائمة، ما لقيه أحد إلا وأحبه، التواضع خلقه ونهجه، ليس عنده تكلف مع أن الله انعم عليه من العلم الكثير ، فهو عميد كلية المهن الصحية لفترات طويلة في جامعة القدس."
ما أدركه الآخرون من حياة أكرم الخروبي هو ما انكشف لهم عام 1999، حين قام الاحتلال باعتقاله فجأة، يروي الشيخ ماجد حسن ما يذكره عن تلك المرحلة فيقول: مكث الرجل في التحقيق لمدة قاربت الثلاثة أشهر تعرض خلالها لكل أنواع التعذيب الصهيوني النفسي منها وغير النفسي، و لكن المفاجأة الاكبر كانت عندما سمع الجميع من الإعلام الصهيوني أنّه قد تم اعتقال رئيس المكتب الإداري لحركة حماس في الضفة الغربية" أكرم الخروبي"، وأن هذا الرجل استطاع خداع أجهزة الأمن الصهيونية وعمل في موقعه هذا ما يقارب من ثلاث سنوات، دون أن تستطيع أجهزة الأمن الصهيونية معرفة نشاطه،وحكم إثر ذلك حكما جائرا لمدة اثني عشرة عاما خفضت بعد ذلك إلى عشرة أعوام.
في سجنه يروي الكثيرون سيرة الدكتور أكرم، وأدواره الباهرة في حياة الآخرين، يروي الكاتب وليد الهودلي عن حياة الدكتور الخروبي في السجن فيقول: "ينزل إلى ملعب كرة السلة في سجن عسقلان ليلعب مع الشباب وكأنه ينزل في مختبر الجامعة ليحاضر في طلبة الطبّ، يبتسم لأهوال حبسة طويلة قطعته عن حياته الأكاديمية بصورة قاسية، كما يبتسم لمرض السرطان الذي انتشر بجحافل جيشه الشرس في صدره."
وعن عقليته الفذة وقدرته على القيادة يروي الهودلي موقف الراحل الخروبي إبان إضراب الأسرى عام 2000، فيقول: " تمكّن الدكتور مع قيادة السجون حينها من فرض زيارة خاصة لسجن هدريم والاجتماع مع قيادة السجن الفصائلية، والاتفاق على إنهاء الإضراب وعلى تحقيق أغلب مطالب المضربين. فكان لنهج التفكير العملي الذي يسلك سبله الدكتور الأثر الكبير في إنجاح تلك الإرادة القوية التي تتسلح بقوة المبدأ وحنكة السياسة وإدارة المعركة."
أما عن أدواره خارج السجون فمما يذكره الشيخ ماجد حسن، فالدكتور الراحل كان من ضمن المؤسسين الأوائل للعمل الإسلامي الفلسطيني على مستوى أمريكا الشمالية، وكان ضمن الأنوية الأولى لحركة حماس في أمريكا، كما تميز في حصوله على درجة البروفيسور في جامعته.
وكانت حركة المقاومة الإسلامية حماس قد نعت ابنها البار، وقائدها الدكتور أكرم الخروبي، مستذكرةً فضله وعظيم أثره على المقاومة ورجالها وشبانها، وعلى طلبة الجامعات وخاصةً الأسرى منهم، مؤكدةً أن رحيله يمثل خسارةً قيمةٍ لا يمكن تعويضها في مسار الحركة التاريخي.
أما الكتلة الإسلامية في جامعته جامعة القدس أبو ديس، فقد نعت الدكتور عميد كلية المهن الطبية، الذي بقي حتى آخر أيامه حضنا دافئا لإخوانه وتلاميذه ومصدر للرأي والحكمة ولم يقطعه المرض عن أداء مهامه، رافعا شعار مواجهة الاحتلال والمرض معا.