عام 1977 ولد الشهيد علي الحضيري، الابن البكر لعائلة الحضيري المعروفة بالعلم والالتزام الديني والأخلاقي، والده هو المهندس والنائب الأكاديمي لعميد جامعة فلسطين التقنية، ووالدته مدرسة في ثانوية طولكرم، ومن هذه البيئة الطيبة خرج علي، مولعاً بالعلم، ومقبلاً على المساجد، وملتزماً بالدين والأخلاق.
أكمل علي تعليمه الابتدائي في مدارس مدينة طولكرم، وتفوق في دراسته في المرحلة الثانوية، إلا أن الاحتلال اعتقله أثناء تأديته لامتحانات الثانوية العامة، هذا الاعتقال لم يكن الأول في حياة علي حيث سبقه اعتقاله وهو في عمر الثالثة عشر لمشاركته في رجم جنود الاحتلال بالحجارة، ومن ثم اعتقاله في الصف التاسع للسبب ذاته.
أما نشأته الدينية فقد بدأت من مسجد عثمان بن عفان، الذي شهد له ولوالده وأخيه الأصغر بالالتزام بصلوات الجماعة، والانضمام لدورات التجويد وحفظ القرآن الكريم، وشيئاً فشيئاً أضحى علي وأخاه عضوان بارزان في العمل المسجدي والثقافي والدعوي في مساجد طولكرم.
هناك الكثير من اللحظات الفاصلة في حياة علي، قد تكون أبرزها اعتقاله في مرحلة الثانوية العامة، حين داهمت القوات الصهيونية منزل عائلته أثناء استعداده لامتحان الرياضيات لليوم التالي، واعتقلته لمدة عامٍ كامل، خضع خلاله للتعذيب القاسي، وتنقل بين مختلف السجون والمعتقلات، كما تم اعتقال شقيقه بعد 40 يوماً من اعتقاله بهدف إرهابه والضغط عليه، إلا أن ذلك لم يثنِ عزيمته.
بعد الإفراج عنه أتم علي ما بدأه، فعاد لدراسته الثانوية، وحصل على معدل 87.5% في الفرع العلمي، ثم انضم لكلية الهندسة، وتخصص الهندسة المدنية، في جامعة النجاح الوطنية، ليكمل المشوار الوطني الذي بدأه، بانضمامه لصفوف الكتلة الإسلامية، مرافقاً لقيس عدوان وحامد أبو حجلة وهاشم النجار ومؤيد صلاح الدين، ورويداً رويداً بدأت رفقة الكتلة الإسلامية تنتقل إلى رحاب ربها، مقبلةً على الشهادة غير مدبرة، في الوقت الذي بدأ فيه علي يشعر بالوحدة في غياب زملاء دربه وأحبائه.
حتى كانت اللحظة الفاصلة الثانية في حياته باستشهاد شقيقه عامر، إثر قصف الاحتلال لسيارته أثناء ذهابه للمسجد لأداء صلاة العصر، فرحل عامر بتاريخ 5/8/2001، تاركاً في قلب علي حنيناً وغصةً لا تزول.
بعد 270 يوماً من استشهاد عامر، وفي ظل اشتداد الملاحقة الأمنية، واعتقال واستشهاد أقرانه وإخوانه، ومن ثم حملة الاجتياحات في الضفة الغربية، بدأ علي يتوارى عن الأنظار، متحصناً مع مجموعة من قيادات القسام وشهدائه لاحقاً، من بينهم علي علان ومهند الطاهر وعماد دروزة، حينها حاصرت قوات صهيونية المكان لتبدأ معركة غير متكافئة، فضل علي خلالها أن يغطي على إخوانه أثناء انسحابهم، موهماً العدو بأنه أمام كتيبة مقاتلةٍ كاملة، حتى أراده الله شهيداً عنده.
في اللحظات الأخيرة لعلي، وحين أدرك أنه قاب قوسين من الشهادة اتصل بوالده ووالدته، وتكلم معهم طالباً منهم الدعاء له والرضى عنه، فيما أزيز الرصاص يقطع المكالمة ما بين الفينة والأخرى، ووالداه يحيطانه بالرضى والدعاء، حتى انقطع صوته وخفت الاتصال، وكان ذلك آخر عهدهما بعلي وصوته.