العام تلو العام يمر على استشهاد المجاهد القسامي عامر منصور الحضيري، إثر استهداف سيارة كان يستقلها بثلاثة صواريخ من طائرة أباتشي، حيث كان في سنته الثالثة في جامعة القدس المفتوحة عندما تم اغتياله.
من يقطن في طولكرم يعرف الحضيري جيداً، ويعرف عائلته التي أخرجته وأخوه علي شهداء مجاهدين قسامين، لا يكاد يفصل بينهم وقتٌ طويل، حتى جمعهم الشوق في جنان الرحمن من جديد.
ولد الحضيري بتاريخ 25/4/1978 في مدينة طولكرم، وقد نشأ وترعرع في بيت إسلامي عامر بالإيمان، عرف عنه بكونه نشيطًا في المجال الدعوي والجهادي، وقد أحبه كل من تعرف عليه كونه كان شابا مطيعا مساعدا للجميع وملتزما دينيا وأخلاقيا، وقد ارتبط روحياً وجسدياً بالمسجد منذ وقتٍ مبكر، ورافق والديه إليه بانتظام.
درس الشهيد عامر المراحل الأساسية في مدارس طولكرم وقد تميز بكونه من المتفوقين في دراستهم فقد أنهى الثانوية العامة بنجاح عام 1997 ثم التحق بجامعة الخليل في كلية الإدارة والريادة، ثم التحق بجامعة القدس المفتوحة عام 1998 لدراسة نفس التخصص والتركيز على المحاسبة، حيث كان في نهاية السنة الثالثة عندما تم اغتياله واستشهاده.
وخلال سني شبابه المبكرة، عُرف عنه حبه للرياضة وانغماسه بها، حيث التحق بالنادي الاجتماعي الرياضي، كما أتقن قراءة القرآن الكريم وتجويده، وحصل على إجازة في التجويد لثلاث مرات، ناهيك عن أعماله وأنشطته الاجتماعية المكثفة.
حين بدأت الانتفاضة كان في التاسعة من عمره وكان يشارك أقرانه الصغار في مقارعة العدو حسب إمكاناتهم، وكلما كبر، كبرَ معه حبه لوطنه.
اعتقل شقيقه الأكبر وبعد شهر من اعتقاله، اقتحمت قوات الاحتلال منزله واعتقلت الشهيد عامر، حيث اتهم بالانتماء لحركة المقاومة الإسلامية حماس وكذلك ضرب الحجارة والمشاركة في المظاهرات حيث حكم عليه بالسجن عشرين شهرا منها 8 فعلية و12 مع وقف التنفيذ لمدة خمس سنوات مع غرامة مالية (5000) شيكل، ليكن هذا الاعتقال زيادة في إصراره على مقاومة الاحتلال ومشاركته الفعالة في فعاليات انتفاضة الحجارة.
اعتقل مرة أخرى بعد أن نصبت له قوات الاحتلال حاجزا طيارا مما مكنها من اعتقاله، فخرج من أسره أسدا هصورا مع بداية انتفاضة الأقصى ليعود للعمل الجهادي بنفس أقوى ويكمل مشواره الدعوي والنضالي الذي اتخذه طريقا له.
خلال سني حياته الجامعية، ازداد انخراطاً في أنشطة الكتلة الإسلامية، وكان له نصيبٌ كبير من الفعاليات السياسية والجماهيرية والجهادية فيها.
حيث التحق بجامعة القدس المفتوحة /طولكرم في مطلع العام الدراسي 1998 بعد خروجه من الاعتقال الأخير، لدراسة الإدارة والريادة بالتركيز على المحاسبة وحيث كان تمرس على العمل النقابي والسياسي في الكتلة الإسلامية في جامعة الخليل ،شَمَّرَ عن ساعديه ليبدأ مشواره الجديد في الكتلة الإسلامية ليكون عضوا فعالاً ونشيطاً فيها من اللحظة الأولى ويبدأ بممارسة العمل النقابي الطلابي في الكتلة الإسلامية ليكون أحد مرشحيها في انتخابات عام 1999.واستمرت نشاطاته هذه الى جانب دراسته التي كان موفقا فيها . وعاود نشاطاته أيضا في مسجد اليونس، تطورت مشاركته في صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس ليكون كما قيل عنه (زنبرك الحركة الطلابية الإسلامية ) فكان يواصل الليل بالنهار في العمل من اجل رفع كلمة "لا اله إلا الله محمد رسول الله " ضمن فعاليات الكتلة الإسلامية ،فلم يكن هناك أي فعالية أو نشاط على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي إلا وكان من أول المشاركين فيه والمنظمين له .
في الأشهر الأخيرة بدأ يشعر أن العيون تلاحقه، فأصبح يحتاط ويتبع النواحي الأمنية في حركته وتنقله، خاصةً أن عدداً من أصدقائه وإخوانه قد استشهد، وكان منهم الشهيد :نبيل خاطر من بروقين والطالب في جامعة الخليل .واستشهد قبله بأسبوعين صديق عزيز عليه هو الشهيد : فواز بدران ثم ليلحق به صديق آخر هو الشهيد : مؤيد صلاح الدين من طولكرم.
في السابع من أغسطس، كان في منزل أهله حين حضرت له والدته الغداء وطلب من أخته الصغيرة أن تكوى له بنطالا وقميصا يحبهما ، وقال لها : يبدو أني سأستشهد اليوم فاستحم وتوضأ وبدل ملابسه وكان أذان العصر قد انتهى فقال لوالديه أنني ذاهب إلى الصلاة في المسجد الجديد ( عمر بن الخطاب )،خرج من البيت راكبا سيارته التي لم يركبها منذ مدة إلا صباح ذلك اليوم متوجها إلى السجد لصلاة العصر ومقابلة أصحابه ،وبعد دقيقتين من خروجه فقط سمع والديه انفجارات مدوية ،ليصرخ كل واحد منهما عامرلتكون هذه الانفجارات هي ثلاثة صواريخ تطلقها طائرات الأباتشي على عامر في سيارته ليستشهد من الصاروخ الأول ويؤدي الصاروخين الثاني والثالث الى احتراق السيارة بأكملها وتحترق أجزاء من جسده الطاهر رحمه الله وليصاب بالحادث تسعة من المارة ، لينتقل الفارس عامر شهيداً إلى السماوات العلى بعد ثلاث ساعات بالضبط من دعاء والدته له بالشهادة حسب طلبه ." لقد صدق الله … فصدقه الله ".