:

كيف تحول قمع الكتلة الإسلامية في الجامعات إلى موت للحراك الجماهيري الفلسطيني؟

top-news
  • 21 Jul, 2025


مع بداية كل عام أكاديمي في جامعات الضفة الغربية، تشتعل الذاكرة الفلسطينية بما مثّلته الحركات الطلابية من شرارة في انتفاضات وانتفاضات مضادة، لكن خلال العامين الأخيرين، بدا المشهد مختلفًا.

هدوء ثقيل يخيّم على ساحات الجامعات، غياب للفعاليات الجماهيرية، وأصوات الطلبة المنددة بالاحتلال خفتت، في المقابل، تواصل المؤسسات الحقوقية تسجيل ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الاعتقالات بحق طلبة "الكتلة الإسلامية"، فما العلاقة بين هذا القمع الأمني الممنهج وبين تراجع الحراك الجماهيري في الضفة الغربية؟


اقتحامات واعتقالات بالجملة

في 15 كانون الثاني/يناير 2024، اقتحمت قوات الاحتلال جامعة النجاح واعتقلت 25 طالبًا من المعتصمين في الحرم الجامعي. سبق ذلك، اقتحامات متكررة لجامعة بيرزيت، حيث اعتُقل طلاب من الكتلة الإسلامية، وصودرت لافتات وأجهزة إلكترونية.

تقول الطالبة “أ.ر”، وهي عضو سابق في الكتلة الإسلامية بجامعة بيرزيت، إن "كل طالب يُشارك في فعالية نقابية أو وطنية، يعلم أنه قد يكون التالي على قائمة الاعتقال". وتضيف: "لا نتحدث عن مخاطر عامة بل عن تهديد مباشر وملاحقة حتى في سكناتنا".

مؤسسة الضمير لرعاية الأسرى وحقوق الإنسان وثّقت منذ مطلع عام 2023 حتى نهاية 2024 أكثر من 110 حالة اعتقال في صفوف الطلبة بجامعة بيرزيت وحدها، غالبيتهم من الكتلة الإسلامية. وتشير المؤسسة إلى أن الاعتقالات لا تقتصر على النشاط السياسي، بل تطال الطلبة بسبب انتمائهم أو حتى منشوراتهم على مواقع التواصل.

لم يكن القمع الأمني الصهيوني وحده المسؤول عن هذا الانكفاء. فداخل الجامعات، يقول "م.ن"، وهو عضو سابق في مجلس الطلبة بجامعة خضوري، إن السلطة الفلسطينية تساهم في "تأديب" النشاط الطلابي عبر التنسيق الأمني، مشيرًا إلى أن طلبة استُدعوا من جهاز المخابرات الفلسطيني بعد انتخابهم في مواقع تمثيلية.

"ما يحصل هو تفريغ منهجي للجامعات من أي طاقة احتجاجية جماعية" يقول الطالب "س.أ" من جامعة النجاح  مضيفًا: "في اللحظة التي يُحاصر فيها الطالب بين الاحتلال من جهة والأجهزة الأمنية الفلسطينية من جهة أخرى، يُصبح العمل السياسي كابوسًا لا مشروعًا نضاليًا".

الحاصل أن الفراغ الناتج عن انكماش النشاط الطلابي لم يُملأ ببدائل تنظيمية، بل بأفعال فردية. شهد العام 2023 تصاعدًا في عمليات مسلحة نفّذها شبان لم تكن لهم خلفية تنظيمية رسمية، ما يشير إلى أن الضغط قد يولّد مقاومة، ولكن دون بوصلة، ربما هو ما وصفه الشهيد المجاهد الشيخ صالح العاروري بـ "المقاوم الجديد".


صمت الجامعات: الجميع يدفع الثمن

بينما تواصل سلطات الاحتلال حملات "الجز العشبي" في الجامعات الفلسطينية، وتُشارك السلطة فيها بتقييد العمل الطلابي، ويغض الجمهور الفلسطيني الطرف عن آثارها،  يموت الحراك الجماهيري ببطء. الجامعات، التي كانت نبض الشارع الفلسطيني، أصبحت اليوم مساحات خرساء، تعيش على ذاكرة انتفاضات مضت، وتخشى من مستقبل بلا قيادة.

"حين تصمت الجامعات، يصمت الوطن كله"، تقولها إحدى الطالبات بينما تنظر إلى لوحة امتلأت بأسماء المعتقلين في سجون الاحتلال والسلطة، من طلبة جامعاتها.

اترك رد

عنوان بريدك الإلكتروني لن يتم نشره. الحقول الإجبارية *

بحث

التصنيف

معرض الصور

الوسوم

وسائل التواصل الاجتماعي