حامد أبو حجلة..الاستشهادي الخجول الذي سأل الشهادة بصدق..فنالها

في كل عام، تعود ذكرى استشهاد المهندس، ابن الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح الوطنية، حامد أبو حجلة، الذي ترك الدنيا التي أقبلت عليه، ليقبل على الآخرة بكل روحه.
ولد الشهيد حامد فالح أبو حجلة في مدينة نابلس بتاريخ 24/7/1977، لأسرة معروفة بالتدين والغنى، تعود جذورها إلى بلدة دير استيا جنوب نابلس، وكان والده نقيباً للصيادلة في نابلس ونائباً لنقيب الصيادلة في الضفة الغربية.

وفي شبابه عُرف بالتزامه وارتباطه بالمسجد، ومشاركته في نشاطات المساجد وفعالياته المختلفة، وحين أضحى في المرحلة الثانوية بالمدرسة الإسلامية، أصبح أميراً للحركة الطلابية الإسلامية فيها.

وعلى أعتاب جامعة النجاح الوطنية، انضم إلى صفوف الكتلة الإسلامية وحركة المقاومة الإسلامية حماس،  ليرتقي بعدها في صفوف الكتلة الإسلامية بشكل متسارع لما كان يتمتع به حامد من همة ونشاط عاليين أهّلاه ليكون أميرا لأبناء الكتلة الإسلامية في كليته، ومن ثم انتخبه طلاب قسم الهندسة المعمارية لعضوية نادي القسم لعامين متتاليين 97-99 .

ولما كان شهيدنا على علاقة طيبة وحسنة مع كافة شرائح الطلبة في الجامعة فقد فاز بعضوية مجلس الطلبة لعام 1999-2000 والذي قادته الكتلة الإسلامية بكل جدارة واقتدار وبرئاسة الشهيد القسامي "قيس عدوان"، وضم فيمن ضم الشهيد القسامي كريم مفارجه، ليزداد قربا من إخوانه الطلبة الذين شهدوا له بالتضحية والتفاني في خدمتهم وتقديم العون والمساعدة لهم.

تعرض شهيدنا للاعتقال على يد الاحتلال الصهيوني، وخاض تجارب قاسية في التحقيق لدى المخابرات الصهيونية التي حاولت عبثا الحصول على اعتراف واحد يدينه او يدين احد إخوانه المجاهدين، لكنها كانت تواجه في كل مرة بشاب صلب المراس، لا يعرف الوهن إلى جسده النحيل والرقيق طريقا، وكان لما تعرض له على يد الصهاينة أثر بالغ في نفسه ، أحب أن يجسده واقعا، فقد برع في أداء اللقطات المسرحية والتمثيلية التي تقلد جنود الاحتلال الذين يعتدون على المعتقلين الفلسطينيين داخل السجون وفي أقبية التحقيق، وقد ساعده في ذلك طوله الفارع وشعره الأشقر حيث كان مظهره يشبه الأوروبيين.

توالت الأحداث تباعا، واندلعت انتفاضة الأقصى نهاية عام 2000، ليكون حامد في طليعة فوج استشهاديي الكتلة الإسلامية، ويفتتح عاماً جديداً بما أحب ورضي، سائلاً الله أن يرزقه الشهادة.

ويأتي اليوم الأول من عام 2001، حيث قاد شهيدنا سيارة الموت القسامية ليدخل بها في احد أسواق الصهاينة في مدينة نتانيا، وما إن وصل شهيدنا إلى هدفه المحدد حتى أطلق العنان لقنابله لتفعل فعلها ببني صهيون، وكان الانفجار ضخما ومروعا ليوقع قتيلين ويصيب 79 آخرين في صفوف الصهاينة بالإضافة إلى تدمير 34 محلا تجاريا حسب اعترافاتهم.


أما شهيدنا حامد فقد تعرض لابتلاء من الله عز وجل، إذ لم يستشهد في لحظة وقوع العملية كما كان متوقعا، بل أصيب بإصابات بالغة وحروق من الدرجة الثالثة في مختلف أنحاء جسده الطاهر لينقل إلى المستشفى ويمكث فيه ثمانية أيام في حالة بالغة الخطورة.

ويشاء الله عز وجل أن يكرمه بأمنيته ، ويجيب له دعواه، وتفيض روحه الطاهرة إلى بارئها يوم الاثنين 8/1/2001 بعد ثمانية أيام من المحنة والابتلاء العظيم.
 

مرت الأيام الثمانية التي تلت العملية طويلة جدا على أبناء شعبنا المجاهد والذي كان ينتظر بفارغ الصبر أن تكشف حماس عن أسدها المغوار الذي نفذ عملية نتانيا البطولية، وما إن تحقق نبأ استشهاد حامد، حتى سارعت حماس للإعلان عن هويته واصفة إياه بأسد كتائب الشهيد عز الدين القسام.


وسرى نبأ استشهاد حامد في مدينة نابلس كالنار في الهشيم، فكل من عرفه قبل استشهاده أحبه ونال إعجابه وتقديره، فكانت عيون الشباب والأطفال والشيوخ تذرف الدموع بغزارة، ليس حزنا عليه، ولكن لوعة الفراق وقعها شديد.

وفي صباح اليوم التالي كانت جامعة النجاح على موعد مع مسيرة حاشدة جابت كل أبنيتها، وسار بها الطلبة بالآلاف يرفعون صور حامد والرايات والبيارق الخضراء مرددين عبارات التحية لحامد ولكتائب القسام ومطالبين بالمزيد من عمليات الكتائب.

وأقامت حركة حماس والكتلة الإسلامية حفل تأبين مهيب للشهيد في حرم الجامعة، ووقف ممثل الكتلة يومها يودع الشهيد حامد قائلا:"يا حامد: سلم على الصحابة… سلم على الشهداء… سلم على رسول الله وقل له:إننا على العهد… قل له نحن أحفادك …أنت القائد ونحن الجنود…قل له سنبقى الأوفياء لشعبنا وأمتنا، نحن رأس الحربة وجدار الأمة الأول، وسنبقى المدافعين عن أرضنا وقدسنا وشعبنا وأمتنا إن شاء الله."


كانت هذه الكلمات المؤثرة وغيرها كافية لتسيل دموع طلبة الجامعة بغزارة على فراق حامد حتى أن بعضهم لم يستطيعوا إكمال الحفل بسبب هذا الجو المؤثر.


وبعد عام على استشهاد حامد سلمت قوات الاحتلال عائلة الشهيد جثمانه الطاهر، وقد بدت عليها آثار الحروق، وكانت رائحة المسك تفوح منه، وقد خرجت نابلس في تشييع جثمانه، وهتف المشيعون بالهتافات الإسلامية داعين كتائب القسام لإشعال النيران تحت أقدام الصهاينة الغاصبين.

مشاركة عبر :