منصات خريجي الجامعات الفلسطينية.. اللقاء الإلكتروني ولو بعد حين

ربما تكون قد تخرجت من جامعتك منذ سنتين.. عشر سنوات.. خمسة عشر سنة أو أكثر.. أو ربما تكون من فوج الخريجين الأول أو الثاني لجامعتك، مهما كنت، وبأي سنةٍ كان تخرجك، فهناك اليوم منصة إلكترونية تجمعك مع رفقاء دراستك، زملائك في الكلية وأصدقائك الذين باعدت بينك وبينهم الحياة بدروبها ومشاغلها، اليوم هناك منصة خريجين لكل جامعةٍ فلسطينية، تضم الألوف المؤلفة من الطلبة والخريجين والأساتذة، تجتمع فيها ذكرياتهم وبعض من صورهم القديمة وأحاديثهم العذبة، يتداولون نهفاتهم القديمة، ويعيدون لذاكرتهم سيرتها الأولى. 

وإن كانت منصات الخريجين ليست موضة حديثة بين الخريجين عالمياً على الأقل، لكنها على الصعيد الفلسطيني وبشكلها الشبابي المستجد، المتمرد على القيود الرسمية، والخاضع لسلطة الشباب اللابيروقراطية فقط، أصبحت أشبه بصرعة موقع الفيس بوك الجديدة، وحديث الساعة لخريجي الجامعات ومحبيها على حدٍ سواء، يتناقلون أجمل البوستات وينشرون صورهم الجماعية، منادين على بعضهم البعض، "أيكم هنا؟"، و "من منكم كان معي؟"، و "أين أنتم أنبؤني بآخر أخباركم؟“ لتبدوا هذه النداءات أشبه بسلامات اعتاد الفلسطينيون إرسالها عبر الإذاعات المحلية والإقليمية للاطمئنان على من شتت النكبة والنكسة من أقاربهم وأحبابهم.

على منصة خريجي جامعة بيرزيت، التي كانت فكرتها الأولى في عقل  الخريجة دينا إياد، يجتمع أكثر من 30 ألف خريج، يتبادلون يومياً الكم الكبير من الذكريات، بعضهم يحن به الوفاء لذكرياتٍ جمعته بشهيدٍ أو أسيرٍ على مقاعد الدراسة، أخرى تتساءل عن خريجةٍ كانت تدرس معها من فتيات قطاع غزة، وآخرون جمعتهم رحلة طلابية طافت على بلدات فلسطين المحتلة وقراها، وانتهت بصورةٍ جماعية ما تزال بين أيديهم حتى اليوم، ترى دينا إياد أن الهدف من هذه المنصة هو: "تعزيز العلاقة بين طلبة الجامعة الخريجين واعادة الذاكرة لمن تخرج وجعل الطلبة يتحدثون عن تجاربهم من اختيار التخصص والتجربة التعليمية والتخرج والمسار الوظيفي مما يساهم في نقل الخبرات للطلبة الجدد والراغبين بالالتحاق بالجامعة".

في الجانب الآخر يتسابق الخريجون والخريجات للبحث عن أنفسهم في عيون رفقاء الماضي، الخريجة عبير تكتب على الصفحة قائلةً: "حمدلله بعد معاناة استطعنا بفضل الله التواصل مع كم مميز من الصديقات.. تعبت كتير وحاولت لاقي كتير منكم والحمد لله أخيراً لقيت"، على أحد البوستات يكتب أحد الخريجين قائلاً: "كان معي صديق رافقني في سكني بالجامعة عام 1999، واسمه "ع. ج" لم أستطع التواصل معه بعد التخرج"، بعد سويعات يرد "ع.ج: " بشكر هالمنصة الي خلتنا نتواصل مع احباب وأخوة فصلنا عنهم الزمن لنعود مرة اخرى نبحث ما بين السطور علنا نلتقي".

خريجة أخرى ترسل سلامها لمن تخرج معها من دفعتها، ثم تسأل عن صديقتها التي كانت تسكن بلدة دير دبوان، وتخرجت معها عام 87، ثم تزوجت وسافرت إلى أمريكا، متمنيةً ممن يعرف عنها شيئاً أن يتواصل معها".

هذه البوستات والتعليقات وكلمات أخرى،  بثها خريجو الجامعات الفلسطينية على منصاتٍ وملتقياتٍ جمعت بهم بعد طول زمن، فمن ملتقى خريجي جامعة النجاح الوطنية، ومروراً بملتقى خريجي جامعة القدس، وحتى ملتقيات خريجي جامعات الخليل والبولتكنيك وخضوري، وجامعات ومعاهد وكليات فلسطينية أخرى،  من على هذه الصفحات عاد بهم الحنين إلى صفحة الماضي، وجمعت بينهم المنصات والملتقيات، بعدما فرقت الحدود والحواجز بينهم، وإن كانت قد تبدو للبعض مجرد عبث شبابي أو إضاعة للوقت، لكنها بالنسبة لأجيال الخريجين أكثر من ذلك بكثير، إنها الجسر الذي جمعهم بمن غاب عنهم، والحكاية التي تكتمل بعد طول انتظار.

 

مشاركة عبر :