التعليم عن بعد.. كيف تنجح في اجتياز حدود المكان أكاديمياً؟

في مجتمع اعتاد على تقديس الجامعة والمدرسة واعتبارهما حاضنة لتخريج الأجيال ذات المستقبل الواعد، بدا التعليم عن بعد نهجاً غريباً لا يمكن فهمه ولا الاعتماد عليه، لكن الحالة الإضطرارية التي ألقت بظلالها على مختلف النواحي الأكاديمية في العالم دفعت المجتمع العلمي بأكمله إلى الاختيار بين تأجيل الفصول الدراسية، أو إتمامها الكترونياً، وذلك ما عُرف بـ "التعليم عن بعد"، وإن كان من الصعب على الطلبة فهم وتقبل هذا النمط، فإن المتابع لسلوك المحاضرين يلحظ تخبطاً وعشوائية، بل وضياعاً وتيهاً في إدراك أبعاد هذا النظام التعليمي وأسسه، وأنه لا يقوم على مجرد قراءة المادة الدراسية، أو إلقائها بسطحية وبلادة.

ففي التعليم عن بعد يُفترض بالمحاضر أو الملقي توفير مجموعة من الموارد الدراسية والتقنية التي تساهم في سد فجوة المكان والتواصل المباشر مع الطالب، لذلك تصبح الصور التوضيحية والخرائط والجرافيك وبرامج الشرح الجذابة، والتنويع الصوتي واللفظي، والعرض الموسع للأمثلة والخيارات، هذه جميعها وأكثر تصبح عوامل أساسية في نجاح عملية التعليم عن بعد، وإيصال الرسالة الأكاديمية بصدق ونزاهة إلى الطالب.

لكن ماذا بإمكان الطالب أن يفعل في مواجهة نقص التأهيل الإلكتروني للكوادر التعليمية، أو تراخيها في تقديم التنويع والتجديد في الطرح والمادة؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال علينا الإشارة إلى نوعين من التعليم عن بعد، واختلاف الإجراءات المتبعة وفقاً لهذين النوعين، وهما؛ التعليم المتزامن، الذي تختفي فيه حدود المكان، لكنه يحتفظ بالرابط الزماني ما بين الطلبة والمعلم، بكلمات أخرى هو غرفة صفية تعليمية عبر الإنترنت، يعتمد على المشاركة الفاعلة بالاتجاهين، ويقوم المحاضر والمتعلم بإجراء التفاعل من خلال الدردشة أو الرسائل الفورية، أو الصوت والصورة، ويوفر هذا النوع من التعليم المتابعة المستمرة، والقدرة على تقييم نجاح العملية التعليمية بشكلٍ مباشر وسريع، كما أنه يعطي طابعاً جدياً للجو التعليمي وإلزامياً في الوقت نفسه.

أما النوع الثاني فهو التعليم غير المتزامن، والذي تغيب فيه حدود المكان والزمان، ويترك المجال للطلبة لإتمام المهام في الوقت المناسب لهم، وبإمكان الطالب في هذا النوع الوصول إلى المادة التعليمية متى ما أحب، لكنه لا يستطيع المشاركة والتفاعل الحي مع المحاضر.


حالياً، يتم اعتماد التعليم المتزامن في فلسطين، وهو ما يمنح الطلبة قدرة التفاعل، ولا يترك لهم حرية اختيار الوقت والشكل المرغوب لتقديم أنشطتهم وواجباتهم الدراسية، وإتمامها، بشكلٍ عام هناك عدد من الخطوات بإمكانك عزيزي الطالب اتباعها لتحقيق الاستفادة القصوى من العملية التعليمية الخارجة عن حدود المكان (التعليم عن بعد، النوع المتزامن)، وهي:

-  التزم بالوقت المعلن عنه لبدء الحلقة الدراسية الالكترونية، كن جدياً، انقطع عن وسائل التواصل الاجتماعية ولا تستقبل المكالمات والرسائل أثناء الدرس.

-  حضر أوراقك وأقلامك، واستعد للحلقة الدراسية كما تستعد لمحاضراتك التقليدية.

- اختر مكاناً يحظى بالإضاءة والتهوية المناسبة، بعيداً عن الصخب والضجيج.

- تأكد من وضع شبكة الانترنت، وسرعتها، كما عليك التأكد من إعدادات الصوت والصورة ولوحة المفاتيح، وذلك قبل بدء المحاضرة.

- استعن بكوب من الماء، الشاي أو القهوة بجانبك، ولا مانع من وجود بعض المأكولات الخفيفة، بشرط ألا تشغلك عن المحاضرة ومتابعتها.

- لا شك أنك تملك مرجعاً ورقياً للمادة الأكاديمية الخاصة بك، استعن به وقم بالاطلاع عليه قبل بدء المحاضرة الالكترونية، ودون الملاحظات أولاً بأول.

- أسأل، وشارك، ولا تبخل بملاحظاتك الموجهة لمدرسك، وتأكد أن الطرف الآخر سيقدم أفضل ما لديه طالما يشعر بجديتك والتزامك ورغبتك بالتعلم.

- أخبر من حولك، من عائلتك أنك تستعد لبدء الحلقة الدراسية الالكترونية، واطلب منهم تقدير حاجتك للهدوء والعزلة وعدم المقاطعة ريثما تنتهي المحاضرة.

- بعد انتهاء المحاضرة راجع الملاحظات التي كتبتها، وتأكد من فهمك للنقاط المذكورة، واسأل في المرة القادمة عما غاب عنك أو جهلته.

في النهاية كن على ثقة بأن هذا الاضطرار للاعتماد على التعليم عن بعد، قد يكون ذو فائدة كبيرة لك مستقبلاً، وقد يفتح لك أبواباً أخرى للتعليم عن بعد، في تخصصك أو غيره، كما أنه فرصة لك للإطلاع على هذا النوع من التعليم، وربما اعتماده من قبلك لاحقاً، كأسلوب لنقل المعلومة وتدريب الآخرين عليها، العالم المعرفي والأكاديمي يتقدم، ولا حاجة بك للتراخي واستخدام الحجج والمبررات، استثمر في نفسك، فربما لا تتاح لك الفرصة مستقبلاً للتعرف على هذا النظام.
 
 
 

مشاركة عبر :