تاريخ التعليم عن بعد.. سبق غربي ورفض عربي

لا يعتبر التعليم عن بعد صيحة جديدةً في عالم التعليم، ولم يخرج إلى الوجود كرد فعلٍ على انتشار فيروس كوفيد- 19، والحاجة الملحة للتباعد الاجتماعي وغلق المدارس والجامعات، بل على العكس من ذلك، فعند العودة لتاريخ التعليم عن بعد نكتشف أن الجامعات الأمريكية قد استعانت به نظاماً تعليمياً منذ سبعينات القرن الماضي، وإذا كنت قد جربت إرسال واجباتك الدراسية إلى أستاذك عبر الشبكة الالكترونية، أو اطلعت على إحدى القنوات التعليمية مثل "برامج تلفزيون القدس التربوي أو شبكة النيل التعليمية" فقد مارست شكلاً من أشكال التعليم عن بعد.


وللعلم فإن بعض المؤرخين يرجع بداية التعليم عن بعد، إلى حقبة التعليم بالمراسلة (عبر البريد) والتي ظهرت عام 1829، بمعنى آخر لم يعد بإمكانك التبرير لنفسك بأن هذا النظام التعليمي ما زال مستحدثاً وطور الإنشاء، عالمياً على الأقل.


وإلى حدٍ ما يختلف التعليم عن بعد عن التعليم الذاتي، فأنت في الأول ما زلت في إطار المتابعة من قبل الهيئة التدريسية، وما زال الوقت وحدود المادة متحكمان بك، بينما في الثاني يُترك الخيار لك حتى المراحل النهائية لتحديد ما يناسب وقتك وأسلوبك.


ورغم أن ثقافة الدول النامية تعتبر التعليم عن بعد رفاهية لا طائل منها، فإن الغرب وجد بها بوابة لتلقي المزيد من العلوم، بسعر زهيد، وبمرونة عالية، تساهم في رفع المستوى الثقافي والعلمي والاجتماعي لدى أفراد المجتمع، وتسد النقص في القاعات والموارد البشرية والعلمية، وتوفر التنوع المنشود في المصادر التعليمية مما يساهم في تقليل الفجوة بين طبقات المجتمع، ناهيك عن أن التعليم عن بعد اعتبر أداة لتحصيل العلم لمن فاته قطار التعليم النظامي.


أما العائق الأبرز عربياً لانتشار التعليم عن بعد، فهو عدم اعتراف الجامعات العربية ووزارات التعليم به، وارتباط هذا اللااعتراف بغياب فرص العمل الواعد المرتبط بالتعليم النظامي، ناهيك عن أن الأثمان والرسوم المدفوعة لقاء هذا النوع من التعليم لا تؤتي أكلها بشكلٍ واقعي في ميدان العمل.

حديثاً ظهرت جامعات عربية افتراضية تقدم شهادات علمية لمن يرغب بالتعليم عن بعد، مثل جامعتي تونس وسوريا الافتراضيتان، وشبكة الجامعات الافتراضية في العالم الإسلامي، لكن ما زال الاعتراف الرسمي عائقاً أمام جذب الطلبة والراغبين في الاستزادة المعرفية من هذه الجامعات.

مشاركة عبر :