الذكرى الـ17 لاستشهاد الطالب في جامعة البولتكنيك: محمود عمران القواسمي

في عام 2003، ومع تزايد زخم الانتفاضة، كان لطلبة الجامعات الفلسطينية دورٌ رائد في التصدي لآلة الحرب الصهيونية، فخرج منهم القادة والشهداء والاستشهاديون ومخططوا العمليات، مفضلين أجر الآخرة وثواب المقاومة على مقاعد العلم والدراسة، من بين هؤلاء كان الطالب في جامعة البولتكنيك محمود عمران القواسمي.

ففي صبيحة الخامس من مارس 2003، كان للبطل القسامي ابن مدينة خليل الرحمن، أن يعلي من شأن مدينته وجامعته، عقب تنفيذه عملية استشهادية بطولية في باص رقم 37 في مدينة حيفا، أسفرت حينها عن مصرع 17 إسرائيليا وإصابة 53 بجراح متفاوتة.

الخاتمة المضيئة لمحمود القواسمي كانت ترجمةً عملية لحياته، فقد عُرف الشهيد بالالتزام وكان من رواد المساجد المعلقة قلوبهم بذكر الله وكتابه، وكما وصفه محبوه وأقربائه فقد كانت سيما الصلاح والتقوى ظاهرةً على محياه.


البدايات المضيئة

ولد الشهيد محمود عمران سليم القواسمي بتاريخ 22/1/1983 في حارة الشيخ وهي إحدى التلال المرتفعة التي تطل على البلدة القديمة في الخليل وتشكل مع جبل جوهر وحارة ابو اسنينة وتل الرميدة سورا جبليا يحيط بالبلدة القديمة جوهرة الخليل وتاجها الجميل.

وقد أطلقت عليه عائلته اسم "محمود" إثر رؤيا أتت والدته في المنام، حيث طلب منها جده المرحوم أن تسميه محموداً، ولشهيدنا اثنين من الأخوة واثنتان من الأخوات.

تميز شهيدنا بالهدوء والرقي في التعامل، وعُرف عنه دماثة الخلق وجمال الروح، وقد أهله تفوقه العلمي للالتحاق بجامعة بولتكنيك فلسطين مطلع عام 2002، ليدرس تخصص برمجة الحاسوب.

وكعادة أبناء الكتلة الإسلامية في جامعة بوليتكنك فلسطين فقد تنافسوا على العمل الميداني المقاوم، ليذروا أرواحهم ودماءهم فداءً لفلسطين، ويعبدوا طريق الجهاد الذي بدؤوه من أروقة الجامعة وباحاتها.

الرد القسامي

في الوقت الذي ظن فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك آرئيل شارون أن المقاومة الفلسطينية قد تراجعت تحت ضغط مجازه واقتحاماته المتكررة، كان الرد القسامي حاضراً في الوقت والمكان المناسب، فبعد أقل من 48 ساعة على مجزرة صهيونية في مخيم جباليا، كان للقسام أن يرد من خلال عملية استشهادية نوعية، حيث تسلل الطالب الخلوق في جامعة البولتكنيك محمود القواسمي إلى مدينة حيفا، ودخل حافلة للمستوطنين متنكراً بملامح أوروبية، وبكل هدوء سلم الرد القسامي على مجازر المحتل.

ففجر الحافلة الصهيونية ليوقع أكثر من 17 قتيلاً، ويصيب أكثر من 40 آخرين بجراح، وينهي بشرف وكبرياء سنته الثانية في جامعة البولتكنيك بتفوق ساحق أطلق سقف الباص نحو عنان السماء.

وكانت قوات الاحتلال قد عثرت بعد تفجير الحافة على بطاقة شخصية للشهيد محمود مع ورقة كتبت بخط يده يعلن فيها أن كتائب القسام التي ينتمي إليها هي المسؤولة عن الهجوم.

رحل فارسنا محمود، مخلفاً درباً عطراً وعائلة فخورة،  ومحتلاً مرتبة الاستشهادي العشرين في سجل القسام، ومؤكداً كغيره من استشهاديي البولتكنيك من أبناء الكتلة الاسلامية على أن العمل النقابي داخل الجامعة لا يقتصر مردوده على طلبة الجامعة فقط، بل يتعدى ذلك لكل ربوع فلسطين، كيف لا وهم أبناء الكتلة الإسلامية ونشطاؤها وقد حولوا حياة الاحتلال إلى جحيم، وكانت لهم اليد العليا في المقاومة بالضفة الغربية.

مشاركة عبر :